وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِجِهَةٍ إذَا وَصَلَ إلَى الْمُسْتَحِقِّ بِجِهَةٍ أُخْرَى اُعْتُبِرَ وَاصِلًا بِجِهَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ إنْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
(فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمُشْتَرَى فَاسِدًا (بَيْعًا صَحِيحًا بَاتًّا) فَلَوْ فَاسِدًا أَوْ بِخِيَارٍ لَمْ يَمْتَنِعْ الْفَسْخُ (لِغَيْرِ بَائِعِهِ) فَلَوْ مِنْهُ كَانَ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ كَمَا عَلِمْت (وَفَسَادُهُ بِغَيْرِ الْإِكْرَاهِ) فَلَوْ بِهِ يَنْقُضُ كُلَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي (أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَ أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَلَوْ لَمْ تَحْبَلْ رَدَّهَا مَعَ عُقْرِهَا اتِّفَاقًا سِرَاجٌ (بَعْدَ قَبْضِهِ) فَلَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِهِ بَلْ بِعِتْقِ الْبَائِعِ بِأَمْرِهِ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ أَوْ ذَبْحِ الشَّاةِ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا اقْتِضَاءً
ــ
[رد المحتار]
حُصُولِ الْقَبْضِ مِنْ الْبَائِعِ، فَلَمْ يَصِرْ غَاصِبًا بِالذَّهَابِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِوُجُودِ الرَّدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُقُوعِهِ فِي يَدِهِ وُقُوعُهُ فِيهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالتَّخْلِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي الرَّدِّ الْحُكْمِيِّ لَا الْقَصْدِيِّ كَمَا عَلِمْتَهُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَاغْتَنِمْهُ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِجِهَةٍ) كَالرَّدِّ لِلْفَسَادِ هُنَا فَإِنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُهُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى) كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بَلْ وَصَلَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ، حَتَّى إنَّ الْمُشْتَرِيَ فَاسِدًا إذَا وُهِبَ الْمُشْتَرَى مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ أَوْ بَاعَهُ لِرَجُلٍ فَوَهَبَهُ الرَّجُلُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَهُ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ قِيمَتِهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْعَيْنُ وَاصِلًا إلَى الْبَائِعِ بِالْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَمَّا وَصَلَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَا دَامَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَيَّدَ بِبَيْعِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى أَنَّ الثَّانِيَ كَانَ قَبْلَ فَسْخِ الْأَوَّلِ وَقَبَضَهُ وَزَعَمَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْفَسْخِ وَالْقَبْضِ مِنْ الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ لَهُ لَا لِلْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ بِقَبْضِ الثَّانِي بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ انْفِسَاخِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ نَائِبٌ عَنْ الْبَائِعِ فِي الْقَبْضِ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ وَقَعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ. تَأَمَّلْ، وَأَفَادَ أَنَّ الْبَيْعَ ثَابِتٌ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَبَرْهَنَ لَا يُقْبَلُ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ فَلَهُ الْقِيمَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْتَنِعْ الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِمَا لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ الْخِيَارِ ط. [تَنْبِيهٌ] عَبَّرَ فِي الْوُقَايَةِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ بَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَا عَلِمْت) مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ مَبِيعٍ فَاسِدٌ ط (قَوْلُهُ وَفَسَادُهُ) أَيْ فَسَادُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ يَنْقُضُ كُلَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي) أَيْ الَّتِي يُمْكِنُ نَقْضُهَا، بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ كَالْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَسَلَّمَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: شَرَطَ فِي الْهِدَايَةِ التَّسْلِيمَ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَعَ الْقِيمَةِ الْعُقْرُ، وَقِيلَ عَلَيْهِ عُقْرُهَا أَيْضًا جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ ط: وَظَاهِرُهُ: أَيْ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِيلَادٌ حَادِثٌ، فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَوَّلًا اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ لِمِلْكِهِ إيَّاهَا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. قُلْت: الظَّاهِرُ بَقَاءُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الشَّرْعِ وَلَمْ يَعْرِضْ عَلَيْهِ تَصَرُّفٌ حَادِثٌ يَمْنَعُهُ.
[تَنْبِيهٌ] نُقِلَ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّ التَّدْبِيرَ كَالِاسْتِيلَادِ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَلَمْ يَرَهُ فِي الْبَحْرِ مَنْقُولًا فَذَكَرَهُ بَحْثًا (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ آخِرَ الْمَسَائِلِ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِهِ) تَخْصِيصُهُ التَّفْرِيعَ عَلَى الْعِتْقِ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ فَلَوْ قَبْلَهُ لَمْ تَنْفُذْ تَصَرُّفَاتُهُ الْمَذْكُورَةُ إلَّا إذَا أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ إلَخْ) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ بُرًّا فَخَلَطَهُ الْبَائِعُ بِطَعَامِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ صَارَ قَابِضًا وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا اقْتِضَاءً) مَا يُقَدَّرُ لِتَصْحِيحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute