مَعَ الْعِلْمِ بِهَا إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ، وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يُعْلَمَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ، وَسَنُحَقِّقُهُ ثَمَّةَ.
(بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيمَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا) شُرُوعٌ فِيمَا يَقْطَعُ حَقَّ الِاسْتِرْدَادِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقَوْلِيَّةِ (لَزِمَهُ قِيمَتُهُمَا) وَامْتَنَعَ الْفَسْخُ. وَقَالَا: يَنْقُضُهُمَا وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ، وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ، وَتَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ لِحُصُولِهِمَا بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِيمَنْ وَرِثَ مَالًا حَرَامًا
(قَوْلُهُ إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ كَسْبَ مُوَرِّثِهِ حَرَامٌ يَحِلُّ لَهُ، لَكِنْ إذَا عَلِمَ الْمَالِكَ بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي حُرْمَتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ، وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: مَاتَ رَجُلٌ وَيَعْلَمُ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَكْسِبُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحِلُّ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ الطَّلَبَ بِعَيْنِهِ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ حَلَّ لَهُ الْإِرْثُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ وَيَتَصَدَّقَ بِنِيَّةِ خُصَمَاءِ أَبِيهِ. اهـ وَكَذَا لَا يَحِلُّ إذَا عَلِمَ عَيْنَ الْغَصْبِ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالِكَهُ، لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَخَذَهُ مُوَرِّثُهُ رِشْوَةً أَوْ ظُلْمًا، إنْ عَلِمَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ حُكْمًا أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ بِنِيَّةِ إرْضَاءِ الْخُصَمَاءِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَإِنْ عَلِمَ عَيْنَ الْحَرَامِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ بِنِيَّةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ مَالًا مُخْتَلِطًا مُجْتَمِعًا مِنْ الْحَرَامِ وَلَا يَعْلَمُ أَرْبَابَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ بِعَيْنِهِ حَلَّ لَهُ حُكْمًا، وَالْأَحْسَنُ دِيَانَةً التَّنَزُّهُ عَنْهُ فَفِي الذَّخِيرَةِ: سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ اكْتَسَبَ مَالَهُ مِنْ أُمَرَاءِ السُّلْطَانِ وَمِنْ الْغَرَامَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَحِلُّ لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ؟ قَالَ أَحَبُّ إلَيَّ فِي دِينِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ وَيَسَعُهُ حُكْمًا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الطَّعَامُ غَصْبًا أَوْ رِشْوَةً وَفِي الْخَانِيَّةِ: امْرَأَةٌ زَوْجُهَا فِي أَرْضِ الْجَوْرِ، وَإِنْ أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَيْنُ ذَلِكَ الطَّعَامِ غَصْبًا فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَكْلِهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً مِنْ مَالٍ أَصْلُهُ لَيْسَ بِطَيِّبٍ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَنَاوُلِهِ وَالْإِثْمُ عَلَى الزَّوْجِ. اهـ (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ ثَمَّةَ) أَيْ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ. قَالَ هُنَاكَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا هُنَا لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى: مَاتَ وَكَسْبُهُ حَرَامٌ فَالْمِيرَاثُ حَلَالٌ، ثُمَّ رَمَزَ وَقَالَ: لَا نَأْخُذُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا عَلَى الْوَرَثَةِ فَتَنَبَّهْ. اهـ. ح، وَمُفَادُهُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَرْبَابُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ عَيْنَ الْحَرَامِ لِيُوَافِقَ مَا نَقَلْنَاهُ، إذْ لَوْ اخْتَلَطَ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ يَمْلِكُهُ مِلْكًا خَبِيثًا، لَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ بَدَلَهُ كَمَا حَقَقْنَاهُ قُبَيْلَ بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا (قَوْلُهُ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيمَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا) وَكَذَا لَوْ شَرَى فَاسِدًا قَاضِبَانِ نَخْلٍ فَغَرَسَهُ وَأَطْعَمَ وَإِنْ شَرَاهُ مَطْعَمًا فَغَرَسَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الثَّانِي يَقْلَعُهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ الْأَرْضَ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُمَا) أَيْ قِيمَةُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ مِنَحٌ وَالْأَوْلَى إفْرَادُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ، وَعَلَّلَهُ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ اسْتِهْلَاكٌ عِنْدَ الْإِمَامِ: أَيْ وَمِثْلُهُ الْغَرْسُ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ يُقْصَدُ بِهِمَا الدَّوَامُ وَقَدْ حَصَلَا بِتَسْلِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ فَيَنْقَطِعُ بِهِمَا حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ) حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُهُمَا أَوْجَهُ، وَكَوْنُ الْبِنَاءِ يُقْصَدُ لِلدَّوَامِ يَمْنَعُ الِاتِّفَاقَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى إيجَابِ الْقَلْعِ، فَظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ وَقَدْ لَا، فَإِنْ قَالَ: إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْقَلْعَ فَفَعَلَهُ مَعَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْبَقَاءَ قُلْنَا الْمُشْتَرِي فَاسِدًا أَيْضًا يُكَلَّفُ الْقَلْعَ عِنْدَنَا.
اهـ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: أَقُولُ: الْبِنَاءُ الْحَاصِلُ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الدَّوَامُ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَبِهَذَا عُرِفَ أَنَّ مَحَطَّ الِاسْتِدْلَالِ إنَّمَا هُوَ التَّسْلِيطُ مِنْ الْبَائِعِ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ اهـ. قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ الْمُؤْجِرَ أَيْضًا سَلَّطَ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِهِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْلِكُ الْبِنَاءَ، فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِالْفَرْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute