للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَا عُدِّيَ بِاللَّامِ لَا بِمِنْ.

(لَا) يُكْرَهُ (بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ) لِمَا مَرَّ وَيُسَمَّى بَيْعَ الدَّلَالَةِ (وَلَا يُفَرَّقُ) عَبَّرَ بِالنَّفْيِ مُبَالَغَةً فِي الْمَنْعِ «لِلَعْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ وَأَخٍ وَأَخِيهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ عَيْنِيٌّ. وَعَنْ الثَّانِي فَسَادُهُ مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (بَيْنَ صَغِيرٍ) غَيْرِ بَالِغٍ (وَذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) أَيْ مَحْرَمٍ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ لَا الرَّضَاعِ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعًا فَافْهَمْ.

(إلَّا إذَا كَانَ) التَّفْرِيقُ بِإِعْتَاقٍ وَتَوَابِعِهِ وَلَوْ عَلَى مَالٍ، أَوْ بِبَيْعٍ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ، أَوْ كَانَ الْمَالِكُ كَافِرًا لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالشَّرَائِعِ،

ــ

[رد المحتار]

يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ: زَادَ «دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ» وَنَسَبَهُ لِمُسْلِمٍ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مُسْلِمٍ، بَلْ وَلَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ كَمَا قَضَى بِهِ سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهَا. اهـ (قَوْلُهُ وَلِذَا عُدِّيَ بِاللَّامِ لَا بِمِنْ) هَذَا مُرَجِّحٌ آخَرُ لِلتَّفْسِيرِ الثَّانِي، فَإِنَّ اللَّامَ فِي أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ تَكُونُ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَهِيَ التَّعْلِيلُ: أَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ تَكُونُ بِمَعْنَى مِنْ أَوْ زَائِدَةً؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ بِعْت الثَّوْبَ مِنْ زَيْدٍ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْ اللَّامُ مَكَانَ مِنْ؛ يُقَالُ بِعْتُك الشَّيْءَ وَبِعْتُهُ لَكَ فَاللَّامُ زَائِدَةٌ زِيَادَتُهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: ٢٦] وَالْأَصْلُ بَوَّأْنَا إبْرَاهِيمَ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ بَاعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى بَيْعَ الدَّلَالَةِ) أَيْ بَيْعَ الدَّلَّالِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ. وَهُوَ صِفَةُ الْبَيْعِ فِي أَسْوَاقٍ الْمُسَمَّى بِالْبَيْعِ فِي الدَّلَالَةِ.

مَطْلَبٌ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَمَحْرَمِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ النَّهْرِ: وَلَا يُفَرِّقُ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْفَاعِلِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى الْمِلْكِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ وَكَمَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ عَنْ التَّفْرِيقِ يُمْنَعُ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي، وَالْكَرَاهَةُ فِيهِ تَحْرِيمِيَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ عَبَّرَ بِالنَّفْيِ مُبَالَغَةً فِي الْمَنْعِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ شَأْنَ الْمُسْلِمِ عَدَمُ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَقَعُ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَهْيِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ فِي حَوَاشِي الدُّرَرِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: رِوَايَةٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ وَيَجُوزُ فِي قَرَابَةٍ غَيْرِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ فِي الْكُلِّ: أَيْ قَرَابَةِ الْوِلَادِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالرَّدِّ فِي الْحَدِيثِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْفَاسِدِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ فِي الْأُمِّ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهَا. اهـ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعِيدٌ عَنْ هَذَا ط (قَوْلُهُ غَيْرِ بَالِغٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مُدَّةَ مَنْعِ التَّفْرِيقِ تَمْتَدُّ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْحَيْضِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ إلَى زَمَانِ التَّمْيِيزِ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ بِالتَّقْرِيبِ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إذَا رَاهَقَا وَرَضِيَا بِالتَّفْرِيقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ لِأَنْفُسِهِمَا وَرُبَّمَا يَرَيَانِ الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَذِي رَحِمٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَيْضًا أَوْ كَبِيرًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلِذَا قَالَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ مَحْرَمٍ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ إلَى الرَّحِمِ لَا إلَى الصَّغِيرِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَحْرَمِيَّتُهُ فِي جِهَةِ الرَّحِمِ لَا مِنْ الرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَنْ ابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعَةً فَإِنَّهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ لَكِنَّ مَحْرَمِيَّتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَا مِنْ الرَّحِمِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَافْهَمْ.

وَخَرَجَ أَيْضًا بِالْأَوْلَى الْمَحْرَمُ لَا مِنْ الرَّحِمِ كَالْأَخِ الْأَجْنَبِيِّ رَضَاعًا وَامْرَأَةِ الْأَبِ وَالرَّحِمُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ كَابْنِ الْعَمِّ (قَوْلُهُ وَتَوَابِعِهِ) هِيَ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْكِفَايَةُ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى مَالٍ) مُبَالَغَةٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَقَطْ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى اهـ ح لَكِنْ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى اسْتَوَى فِيهِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ بِبَيْعٍ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ) أَيْ إذَا حَلَفَ بِقَوْلِهِ إنْ مَلَكْت هَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ لِيَعْتِقَ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِتَفْرِيقٍ بَلْ فِيهِ زِيَادَةُ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاجْتِمَاعِ مَعَ مَحْرَمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمَالِكُ كَافِرًا) ظَاهِرًا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>