للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حَالَ وُقُوعِهِ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا) وَمَا لَا يُجِيزُ لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا.

بَيَانُهُ: صَبِيٌّ بَاعَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ وَلِيًّا يُجِيزُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا مُجِيزَ لَهُ فَيَبْطُلُ مَا لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُهُ فَيَصِحُّ إنْشَاءً لَا إجَازَةً كَمَا بَسَطَهُ الْعِمَادِيُّ.

(وَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ) لَوْ الْغَيْرُ بَالِغًا عَاقِلًا، فَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا كَمَا فِي الزَّوَاهِرِ مَعْزِيًّا لِلْحَاوِي وَهَذَا إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ (لِمَالِكِهِ) أَمَّا لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِهِ

ــ

[رد المحتار]

إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ تَحْتَ وِلَايَةِ قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ خَاصٌّ وَكَانَ تَحْتَ وِلَايَةِ قَاضٍ فَتَصَرُّفُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَوْ إجَازَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ تَصَرُّفًا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ كَمَا يَأْتِي، وَقَدْ حَرَّرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قُبَيْلَ كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ كِتَابِنَا تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ فَارْجِعْ إلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ سَنِيَّةً. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ مَوْقُوفًا) أَيْ عَلَى إجَازَةِ مَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدَ نَفْسَهُ.

بَيَانُهُ مَا فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَهُ أَوْ زَوَّجَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَجَازَ بَعْدُ وَكَالَتَهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا: بَاعَ مَالَ يَتِيمٍ ثُمَّ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا لَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ تَزَوَّجَ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ فَأَجَازَ ذَلِكَ النِّكَاحَ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَكِنَّهُ عَتَقَ جَازَ بِلَا إجَازَةٍ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ أَوْ بَاعَ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ بَلَغَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِجَازَتِهِ، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا مُجِيزَ لَهُ) أَيْ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إجَازَتِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: بَيَانُهُ) أَيْ بَيَانُ هَذَا الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كُلُّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَرِّفِ لَا لِلْفُضُولِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ هُنَا لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْفُضُولِيِّ الْمَارُّ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْعَقْدِ لَيْسَتْ حَقَّهُ بَلْ حَقَّ الْوَلِيِّ وَنَحْوِهِ، فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ فِي التَّعْرِيفِ مَا يَشْمَلُ الْعَقْدَ كَمَا أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: صَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ مَأْذُونٍ.

(قَوْلُهُ: بَاعَ مَثَلًا إلَخْ) أَيْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَجُوزُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَزَوُّجٍ وَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَكِتَابَةِ قِنِّهِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَا دَامَ صَبِيًّا، وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَ بِنَفْسِهِ جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ بِلَا إجَازَةٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ مَثَلًا) أَيْ أَوْ خَلَعَ أَوْ حَرَّرَ قِنَّهُ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ وَهَبَ مَالَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ زَوَّجَ قِنَّهُ امْرَأَةً أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُحَابَاةً فَاحِشَةً أَوْ شَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاحِشًا أَوْ عَقَدَ عَقْدًا مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِبَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ فَهَذِهِ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَجَازَهَا الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ ابْتِدَاءً لَا إجَازَةً كَقَوْلِهِ أَوْقَعْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَيَقَعُ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ) أَيْ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.

وَفِي حُكْمِ الْغَيْرِ: الصَّبِيُّ لَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا عَلِمْت ثُمَّ إذَا أَجَازَ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَالثَّمَنُ نَقْدٌ فَهُوَ لِلْمُجِيزِ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَرْضًا فَهُوَ لِلْفُضُولِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْمُجِيزِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: لَوْ الْغَيْرُ بَالِغًا عَاقِلًا إلَخْ) لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْحَاوِي. وَوَجْهُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ أَوْ كَانَ فِي وِلَايَةِ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَقْدًا لَهُ مُجِيزٌ وَقْتَ الْعَقْدِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ: لَوْ بَاعَ مَالَ يَتِيمٍ ثُمَّ جَعَلَهُ وَصِيًّا لَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا لَمْ يَقْبَلْ الْإِجَازَةَ بَعْدَمَا صَارَ وَصِيًّا، وَلَعَلَّ مَا فِي الْحَاوِي قِيَاسٌ وَالْعَمَلُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّوَقُّفُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقْفُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لِمَالِكِهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لِأَجْلِ مَالِكِهِ لَا لِأَجْلِ نَفْسِهِ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِمَالِكِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>