للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ لِمَالِكِهِ الْمُكَلَّفِ أَوْ بَاعَ عَرْضًا مِنْ غَاصِبِ عَرْضٍ آخَرَ لِلْمَالِكِ

ــ

[رد المحتار]

لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. لَكِنَّ صَاحِبَ الْمَتْنِ قَالَ فِي مِنَحِهِ: أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى الْبَدَائِعِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ. وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ لِنَفْسِهِ لَا لِلْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَحِقُّ مَعَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ، فَالظَّاهِرُ ضَعْفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِفُرُوعِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ ثُمَّ اسْتَظْهَرَ أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ رِوَايَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَا إشْكَالَ فِيهِ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَدَائِعِ لَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا مَعْنَاهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ، فَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ، وَحِينَئِذٍ فَمُرَادُ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مَا بَاعَهُ لِغَيْرِهِ، أَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا، فَالْخَلَلُ إنَّمَا جَاءَ مِمَّا فَهِمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ، وَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا بَاعَهُ لِأَجْلِ مَالِكِهِ، وَلِلَّهِ دَرُّ أَخِيهِ صَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ وَقَفَ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّوَابِ، فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ يَعْنِي لِغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. لَكِنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِمِنْ بَدَلَ اللَّامِ لَكَانَ أَبْعَدَ عَنْ الْإِيهَامِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ عَيْنُ مَا ظَهَرَ لِي، وَالْحَمْدُ اللَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ: لَوْ شَرَطَ الْفُضُولِيُّ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَهُ بِدُونِ الشَّرْطِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ لَهُ مُبْطِلًا. اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ لَغْوًا فَقَطْ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يُجِيزَ الْعَقْدَ أَوْ يُبْطِلَهُ يَكُونُ اشْتِرَاطُهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَيَلْغُو، وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْطِلَهُ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ خِيَارُ الْإِجَازَةِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ حَيْثُ قَالَ خِيَارُ الشَّرْطِ دَاخِلٌ عَلَى الْحُكْمِ لَا الْبَيْعِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَقَالَ الْبِيرِيُّ: وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَالِكِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ إذَا شَرَطَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُشْتَرَى لَهُ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا عَلَى أَنَّ فُلَانًا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي قَاضِي خَانَ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي. اهـ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فَسَادُ الْعَقْدِ بِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ إلَّا فِي صُوَرٍ مِنْهَا وُرُودُ النَّصِّ بِهِ كَشَرْطِ الْخِيَارِ، وَفَائِدَتُهُ التَّرَوِّي دَفْعًا لِلْغَبَنِ، وَمَنْ وَقَعَ لَهُ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بِلَا شَرْطِ غَيْرِهِ مُقَيَّدٌ بِمُدَّةٍ فَكَانَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ،؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ ضَرَرُ الْمُدَّةِ فَلِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ بَلْ بَطَلَ لِضَعْفِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ لَا الْبُطْلَانَ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ لَهُ فِيهِ. اهـ. ح وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَعَلِمْت مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ عَرْضًا إلَخْ) بَيَانُهُ لِرَجُلٍ عَبْدٌ وَأَمَةٌ فَغَصَبَ زَيْدٌ الْعَبْدَ وَعَمْرٌو الْأَمَةَ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ الْعَبْدَ مِنْ عَمْرٍو بِالْأَمَةِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ فَائِدَةَ الْبَيْعِ ثُبُوتُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُمَا حَاصِلَانِ لِلْمَالِكِ فِي الْبَدَلَيْنِ بِدُونِ هَذَا الْعَقْدِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ فَلَمْ تَلْحَقْهُ إجَازَةٌ، وَلَوْ غَصَبَا مِنْ رَجُلَيْنِ وَتَبَايَعَا، وَأَجَازَ الْمَالِكَانِ جَازَ، وَلَوْ غَصَبَا النَّقْدَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَعَقَدَ الصَّرْفَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَجَازَ جَازَ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِينَ مِثْلُ مَا غَصَبَ، وَكَذَا فِي الْفَتْحِ مِنْ آخِرِ الْبَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِلْمَالِكِ) أَيْ مَالِكِ الْعَرْضِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ نَعْتِ عَرْضِ الْآخَرِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْعَرْضَيْنِ لِمَالِكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>