وَمُزَارِعٍ
(وَ) وَقْفُ (بَيْعِ شَيْءٍ بِرَقْمِهِ) أَيْ بِالْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ نَفَذَ وَإِلَّا بَطَلَ.
قُلْت: وَفِي مُرَابَحَةِ الْبَحْرِ أَنَّهُ فَاسِدٌ لَهُ عَرْضِيَّةُ الصِّحَّةِ لَا بِالْعَكْسِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ فَتَحْرُمُ مُبَاشَرَتُهُ، وَعَلَى الضَّعِيفِ لَا، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الدُّرَرِ وَبَيْعِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ. .
ــ
[رد المحتار]
يَعْلَمُ بِالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ وَعَزَى كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ لِلرَّمْلِيِّ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. بَقِيَ لَوْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ نَفَذَ الْبَيْعُ السَّابِقُ، وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَمِلَ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجْدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ نَفَذَ فِي حَقِّ الْكُلِّ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ لِيَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ، إذْ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ يُعْتَبَرُ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لَا لِلِانْتِزَاعِ مِنْ يَدِهِ وَعَنْ بَعْضِنَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ وَسَلَّمَ أَجَازَهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ بَطَلَ حَقُّ حَبْسِهِ، وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا التَّسْلِيمَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ حَبْسِهِ اهـ. [تَنْبِيهٌ]
لَوْ بِيعَ الْمُسْتَأْجَرُ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ لَا يَتَوَقَّفُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ. وَفِيهِ: بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَفْسَخَ الشِّرَاءَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَقْبِضَهُ مِنْ الْبَائِعِ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَلَا لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَجْعَلْ الْمَبِيعَ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَمُزَارِعٍ) صُورَتُهُ كَمَا فِي ح عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إذَا دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَزَرَعَهَا الْعَامِلُ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْأَرْضَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَرْضِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ فَيَنْفُذُ لَوْ لَمْ يَزْرَعْ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ أَجِيرٌ لَهُ وَلَوْ زَرَعَ لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُزَارِعِ، وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
(قَوْلُهُ: نَفَذَ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ تَوَقَّفَ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرْكِهِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَمْ يَتِمَّ قَبْلَهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَسَدَ. (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ مُفَادَ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ صِحَّتُهُ أَيْ أَنَّهُ صَحِيحٌ لَهُ عَرَضِيَّةُ الْفَسَادِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِلْمِ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ: صُورَتُهُ بَاعَ شَيْئًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ بَكْرٍ لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي، حَتَّى لَوْ تَفَاسَخَا الْأَوَّلَ لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي، لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْمَنْقُولِ لَا، وَفِي الْعَقَارِ عَلَى الْخِلَافِ. اهـ. وَقَوْلُهُ أَوَّلًا لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي: مَعْنَاهُ لَا يَنْفُذُ بِقَرِينَةِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ، وَأَرَادَ بِالْخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَهُوَ عِنْدَهُ كَبَيْعِ الْمَنْقُولِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْخِلَافَ الْآتِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى عَقَارًا فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيْعِ الْبَائِعِ.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَالْبَيْعُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلِذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: شَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ بِأَكْثَرَ فَأَجَازَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْ. اهـ. فَاعْتَبَرَهُ بَيْعًا مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ فَافْهَمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالْأَوَّلِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَفْصِيلًا وَفَرْقًا بَيْنَ الْإِجَازَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ، فَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا كَمَا فَعَلَ فِي الدُّرَرِ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْعِ الْمُرْتَدِّ) فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عِنْدَهُمَا ط. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ) أَيْ وَلَهُ الْخِيَارُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْبَيْعُ بِمَا بَاعَ فُلَانٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسَائِلَ بَعْدَهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute