(وَقَوْلُهُ) أَسَأْت نَهْرٌ (بِئْسَمَا صَنَعْت أَوْ أَحْسَنْت أَوْ أَصَبْت) عَلَى الْمُخْتَارِ فَتْحٌ. (وَهِبَةُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالتَّصَدُّقُ عَلَيْهِ بِهِ إجَازَةٌ) لَوْ الْمَبِيعُ قَائِمًا عِمَادِيَّةٌ (وَقَوْلُهُ لَا أُجِيزُ رَدٌّ لَهُ) أَيْ لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ، فَلَوْ أَجَازَهُ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا يُجَازُ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرِ لَوْ قَالَ لَا أُجِيزُ بَيْعَ الْآجِرِ ثُمَّ أَجَازَ جَازَ، وَأَفَادَ كَلَامُهُ جَوَازَ الْإِجَازَةِ بِالْفِعْلِ وَبِالْقَوْلِ، وَأَنْ لِلْمَالِكِ الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ لَا الْإِجَازَةُ، وَكَذَا لِلْفُضُولِيِّ قَبْلَهَا فِي الْبَيْعِ
ــ
[رد المحتار]
الثَّمَنُ الْعَرْضُ فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ، وَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ عَرْضِهِ أَوْ قِيمَتَهُ لَوْ قِيَمِيًّا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. اهـ. [تَتِمَّةٌ]
لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجَازَةِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ تَضْمِينَهُ مَلَكَهُ، وَيُبَرَّأُ الْآخَرُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُضَمِّنَهُ، ثُمَّ إنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ كَأَخْذِ الْعَيْنِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ لَا بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، فَإِنْ كَانَ قَبْضُ الْبَائِعِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ أَيْ بِأَنْ قَبَضَهُ بِلَا إذْنِ مَالِكِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ بِضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ أَمَانَةً، وَإِنَّمَا صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ بِضَمَانِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِهِ تَأَخَّرَ عَنْ عَقْدِهِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْبَيْعَ يَجُوزُ بِتَضْمِينِ الْبَائِعِ، وَقِيلَ تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ فَصَارَ كَمَغْصُوبٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِئْسَمَا صَنَعْت) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: هُوَ إجَازَةٌ فِي نِكَاحٍ وَبَيْعٍ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِهَا كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ رَدٌّ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ أَسَأْت. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ فِي أَحْسَنْت وَأَصَبْت، وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ إجَازَةً؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَحْسَنْت أَوْ وُفِّقْت أَوْ كَفَيْتنِي مُؤْنَةَ الْبَيْعِ أَوْ أَحْسَنْت فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا لَيْسَ إجَازَةً؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ، إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ: إنَّ أَحْسَنْت أَوْ أَصَبْت إجَازَةٌ اسْتِحْسَانًا.
أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ، فَإِنْ قَالَهُ جِدًّا فَهُوَ إجَازَةٌ، لَا لَوْ قَالَهُ اسْتِهْزَاءً وَيُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ، وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إجَازَةً إذْ الْأَصْلُ هُوَ الْجِدُّ. اهـ. وَفِي حَاشِيَتِهِ لِلرَّمْلِيِّ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الْبَزَّازِيُّ. (قَوْلُهُ: لَوْ الْبَيْعُ قَائِمًا) ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ تَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْعِمَادِيَّةِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بَيْعِ الْآجِرِ) بِالْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ. (قَوْلُهُ: جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ إجَازَتِهِ لَا يَنْفَسِخُ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ. (قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ وَبِالْقَوْلِ) الْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ أَخْذُ الثَّمَنِ وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ طَلَبُهُ وَمَا بَعْدَهُ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ أَخَذَ الْمَالِكُ بِثَمَنِهِ حَظًّا مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ إجَازَةٌ لَا لَوْ سَكَتَ عِنْدَ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ بِحَضْرَتِهِ. اهـ. وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ مَسْأَلَةَ السُّكُوتِ آخِرَ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِلْمَالِكِ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُكْمُهُ قَبُولُ الْإِجَازَةِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ إجَازَةُ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ أَيْضًا، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْفُضُولِيَّ لَيْسَ لَهُمَا الْإِجَازَةُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) أَيْ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَالِكِ تَحَرُّزًا عَنْ لُزُومِ الْعَقْدِ بَحْرٌ وَهَذَا عِنْدَ التَّوَافُقِ، عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ إلَخْ. هَذَا وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي نَقْضَ الْبَيْعِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضَا الْبَائِعِ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى النِّتَاجِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عَلَى التَّلَقِّي مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ثَابِتٌ إلَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي فَيَلْزَمُ الْعَجْزُ فَيَنْفَسِخُ اهـ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ بِالرِّضَا أَوْ الْقَضَاءِ. تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْفُضُولِيِّ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَالِكِ لِيَدْفَعَ الْحُقُوقُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute