للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمَ الْمُقَوِّمِينَ (فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ رُقِمَ وَقَالَ (وَيُفْتَى بِالرَّدِّ) رِفْقًا بِالنَّاسِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ رِوَايَاتِ الْمُضَارَبَةِ وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ رُقِمَ وَقَالَ (إنْ غَرَّهُ) أَيْ غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ غَرَّهُ الدَّلَّالُ فَلَهُ الرَّدُّ (وَإِلَّا لَا) وَبِهِ أَفْتَى صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ (وَتَصَرُّفُهُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ) قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْغَبْنِ (غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُ) فَيَرُدُّ مِثْلَ مَا أَتْلَفَهُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ عَلَى الصَّوَابِ اهـ مُلَخَّصًا بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ قِيَمِيًّا لَمْ أَرَهُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: هُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْمُقَوِّمِينَ يَقُولُ إنَّهُ يُسَاوِي خَمْسَةً، وَبَعْضُهُمْ سِتَّةً وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً فَهَذَا غَبْنٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ تَقْوِيمِ أَحَدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: ثَمَانِيَةً وَبَعْضُهُمْ تِسْعَةً وَبَعْضُهُمْ: عَشَرَةً فَهَذَا غَبْنٌ يَسِيرٌ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَبْنُ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ أَوْ بِدُونِهِ لَكِنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْقُنْيَةِ، وَإِنَّمَا حَكَى فِي الْقُنْيَةِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالتَّغْرِيرِ أَوْ بِدُونِهِ، وَلَكِنْ نَقَلَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْإِمَامَ عَلَاءَ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيَّ ذَكَرَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ فِي الْمَغْبُونِ: إنَّهُ لَا يَرُدُّ لَكِنَّ هَذَا فِي مَغْبُونٍ لَمْ يُغَرَّ أَمَّا فِي مَغْبُونٍ غُرَّ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ اسْتِدْلَالًا بِمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ اهـ أَيْ بِمَسْأَلَةِ مَا إذَا خَانَ فِي الْمُرَابَحَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَغْرِيرٌ يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: وَيُفْتَى بِالرَّدِّ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ: أَيْ سَوَاءٌ غَرَّهُ أَوْ لَا بِقَرِينَةِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَرَّهُ الدَّلَّالُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَّهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ الدَّلَّالِ لَا يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ، بَقِيَ مَا لَوْ غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الْعَقَارِ فَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ هَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ يَنْبَغِي عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ وَإِنَّمَا غَرَّهُ الْمُشْتَرِي، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ لَفْظِيٌّ وَيُحْمَلُ الْقَوْلَانِ الْمُطْلَقَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ، لَكَانَ حَسَنًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَمْلُ صَاحِبِ التُّحْفَةِ الْمُتَقَدِّمُ ط.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِالْإِطْلَاقِ فِي الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَحَيْثُ كَانَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مَحْمُولًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ، يَكُونُ هُوَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ إذْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الرَّدِّ مُطْلَقًا، حَتَّى يُنَافِيَ التَّفْصِيلَ، فَلِذَا جَزَمَ فِي التُّحْفَةِ بِحَمْلِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لَنَا إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ، هُوَ الْمُصَرِّحُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَبِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَبِأَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ وَبِأَنَّهُ الصَّحِيحُ، فَمَنْ أَفْتَى فِي زَمَانِنَا بِالرَّدِّ مُطْلَقًا فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً فَاحِشًا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ التَّفْصِيلَ هُوَ الْمُصَحَّحُ الْمُفْتَى بِهِ، وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ التَّوْفِيقِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فِي رِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا [تَحْبِيرَ التَّحْرِيرِ فِي إبْطَالِ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِلَا تَغْرِيرٍ] .

(قَوْلُهُ: فَيَرُدُّ مِثْلَ مَا أَتْلَفَهُ) أَيْ مَعَ رَدِّ الْبَاقِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَنَصُّهَا قَالَ الْغَزَّالُ: لَا مَعْرِفَةَ لِي بِالْغَزْلِ، فَأْتِنِي بِغَزْلٍ أَشْتَرِيهِ فَأَتَى رَجُلٌ بِغَزْلٍ لِهَذَا الْغَزَّالِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي، فَجَعَلَ نَفْسَهُ دَلَّالًا بَيْنَهُمَا وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْغَزْلَ لَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَصَرَفَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ إلَى حَاجَتِهِ، ثُمَّ عَلِمَ بِالْغَبْنِ وَبِمَا صَنَعَ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالصَّوَابُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَمِثْلَ مَا صَرَفَ فِي حَاجَتِهِ، وَيَسْتَرِدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ كَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا مَمْلُوءًا مِنْ بُرٍّ فَإِذَا فِيهِ دُكَّانٌ عَظِيمٌ فَلَهُ الرَّدُّ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ قَبْلَ إنْفَاقِ شَيْءٍ مِنْهُ وَبَعْدَهُ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَمِثْلَ مَا أَنْفَقَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.

قَوْلُهُ: بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ قِيَمِيًّا أَيْ وَتَصَرَّفَ بِبَعْضِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا غَبِنَ فِيهِ أَوْ لَا يَرْجِعُ، أَوْ يَرُدُّ الْبَاقِيَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>