للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَبِالْأَخِيرِ جَزَمَ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَصَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ عَنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْغُرُورِ: الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا: هَذِهِ، وَضَابِطُهَا أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَوَدِيعَةٍ وَإِجَارَةٍ، فَلَوْ هَلَكَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّا رَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَهُ وَلَا رُجُوعَ فِي عَارِيَّةٍ وَهِبَةٍ لِكَوْنِ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ.

ــ

[رد المحتار]

وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا تَصَرَّفَ بِهِ، وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ مَفْرُوضٌ فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَزْلَ مِثْلِيٌّ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْقُنْيَةِ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ غَزْلِ قُطْنٍ لَيِّنٍ بِغَزْلِ قُطْنٍ خَشِنٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ سَوَاءٌ اهـ فَحَيْثُ كَانَ الْمَنْقُولُ هُنَا فِي الْمِثْلِيِّ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمُ الْقِيَمِيِّ فَافْهَمْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِنَحِ عَنْ تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ الْمَغْبُونَ إذْ غُرَّ لَهُ الرَّدُّ اسْتِدْلَالًا بِمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ، يُفِيدُ أَنَّ خِيَارَ التَّغْرِيرِ فِي حُكْمِ خِيَارِ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ فِي الْمُرَابَحَةِ قَبْلَ رَدِّهِ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَا يَمْتَنِعُ مِنْ الرَّدِّ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَسَقَطَ خِيَارُهُ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: أَوْ حَدَثَ بِهِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْبَعْضُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي إلَّا فِي نَحْوِ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ إلَخْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قُلْت وَبِالْأَخِيرِ إلَى قَوْلِهِ وَغَيْرُهُ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ، وَبِهِ أَفْتَى صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ اهـ. ح. مَطْلَبٌ الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ

(قَوْلُهُ: وَفِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ، فَلَوْ قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ، أَوْ قَالَ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ، فَأَكَلَهُ وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى: إذَا كَانَ الْغُرُورُ بِالشَّرْطِ، كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ الْبِنَاءَ، وَإِذَا قَالَ الْأَبُ لِأَهْلِ السُّوقِ: بَايِعُوا ابْنِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَظَهَرَ أَنَّهُ ابْنُ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ لِلْغُرُورِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فَبَايَعُوهُ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدٌ لِغَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَإِلَّا فَبَعْدَ الْعِتْقِ، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ حُرًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَلَا بُدَّ فِي الرُّجُوعِ مِنْ إضَافَتِهِ إلَيْهِ وَالْأَمْرُ بِمُبَايَعَتِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَوَدِيعَةٍ وَإِجَارَةٍ، فَلَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَاهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا وَفِي عَارِيَّةٍ وَهِبَةٍ لَا رُجُوعَ إذْ الْقَبْضُ كَانَ لِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْغُرُورِ مِنْ الْبُيُوعِ اهـ.

قُلْت: وَعَبَّرَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي الثَّالِثَةِ بِالْقَبْضِ بَدَلَ الْعَقْدِ، وَهُوَ الصَّوَابُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ) زَادَ فِي نُورِ الْعَيْنِ مَسْأَلَةً رَابِعَةً وَهِيَ مَا إذَا ضَمِنَ الْغَارُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ، كَمَا إذَا قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ وَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْكَفَالَةِ عَنْ الدُّرَرِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا هَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُهَا) أَيْ الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَاةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدٍ) صَوَابُهُ فِي قَبْضٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْعَقْدِ تَأْتِي بَعْدُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ الْمُودَعُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَوْ آجَرَهُ مِلْكَهُ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>