وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خُلَاصَةٌ (وَكَفَى كَيْلُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بَعْدَ الْبَيْعِ) لَا قَبْلَهُ أَصْلًا أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْبَتِهِ فَلَوْ كَيَّلَ بِحَضْرَةِ رَجُلٌ فَشَرَاهُ فَبَاعَهُ قَبْلَ كَيْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ اكْتَالَهُ الثَّانِي لِعَدَمِ كَيْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَكُنْ قَابِضًا فَتْحٌ (وَلَوْ كَانَ) الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ (ثَمَنًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ) لِجَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبْلَ الْكَيْلِ أَوْلَى.
(لَا) يَحْرُمُ (الْمَذْرُوعُ) قَبْلَ ذَرْعِهِ (وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِهِ إلَّا إذَا أَفْرَدَ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا) (فَهُوَ) فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ (كَمَوْزُونٍ)
وَالْأَصْلُ مَا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ لَا قَدْرٌ
ــ
[رد المحتار]
وَقَدْ تَغَيَّرَ السِّعْرُ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا بِالسِّعْرِ الْأَوَّلِ اهـ. وَتَمَامُهُ هُنَاكَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَفَى كَيْلُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِحَضْرَتِهِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً، فَكَالَ الْبَائِعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ يَكْفِيهِ كَيْلُ الْبَائِعِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَكِيلَهُ اهـ.
قُلْت: وَأَفَادَ أَنَّ الشَّرْطَ مُجَرَّدُ الْحَضْرَةِ لَا الرُّؤْيَةُ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ يَشْتَرِي مِنْ الْخَبَّازِ خُبْزًا كَذَا مَنًّا فَيَزِنُهُ وَكِفَّةُ سَنْجَاتِ مِيزَانِهِ فِي دَرَبَنْدِهِ، فَلَا يَرَاهُ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِعِ كَذَا مَنًّا فَيَزِنُهُ فِي حَانُوتِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ إلَيْهِ مَوْزُونًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْوَزْنِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ سَنْجَاتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ أَصْلًا إلَخْ) أَيْ لَوْ كَالَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْمَبِيعِ لَا يَكْفِي أَصْلًا أَيْ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ كَالَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْكَيْلَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَلَا تَسْلِيمَ مِنْ الْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كِيلَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا قَبْلَهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِعَدَمِ كَيْلِ الْأَوَّلِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَيْلِ الْوَاقِعِ بِحَضْرَتِهِ قَبْلَ شِرَائِهِ، ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الْفَتْحِ هَكَذَا وَمِنْ هُنَا يَنْشَأُ فَرْعٌ، وَهُوَ مَا لَوْ كِيلَ طَعَامٌ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ بَعْدَ شِرَائِهِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ سَوَاءٌ اكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكْتَلْ بَعْدَ شِرَائِهِ هُوَ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا فَبَيْعُهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْ فَلَا يَجُوزُ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ فَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ اكْتَالَهُ لِلْمُشْتَرَى مِنْهُ أَوْ لَا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ فَاعِلَ اكْتَالَهُ هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الَّذِي كِيلَ الطَّعَامُ بِحَضْرَتِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِنْ اكْتَالَهُ الثَّانِي صَرِيحٌ فِي أَنَّ فَاعِلَ اكْتَالَهُ هُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ أَحْسَنُ، لِإِفَادَتِهَا أَنَّ هَذَا الْكَيْلَ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي لَا يَكْفِيهِ عَنْ كَيْلِ نَفْسِهِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ لِلثَّانِي، فَكَانَ بَيْعًا قَبْلَ الْقَبْضِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَيْلِ الْوَاقِعِ أَوَّلًا بِحَضْرَتِهِ قَبْلَ شِرَائِهِ، وَأَمَّا عَلَى عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَلَا شُبْهَةَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، ثُمَّ إنَّ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ كَيْلَهُ لِلْمُشْتَرَى مِنْهُ لَا يَكْفِي عَنْ كَيْلِ نَفْسِهِ ظَاهِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا شَرَحَ بِهِ كَلَامَ الْهِدَايَةِ أَوَّلًا حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَالَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي مَرَّةً كَفَاهُ ذَلِكَ، حَتَّى يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ كَيْلِهِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا بُدَّ مِنْ الْكَيْلِ مَرَّتَيْنِ اهـ.
مُلَخَّصًا فَإِنَّ قَوْلَهُ: كَفَاهُ أَيْ كَفَى الْبَائِعَ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ ذَلِكَ عَنْ الْكَيْلِ لِنَفْسِهِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، جَعَلَ فَاعِلَ اكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ، وَإِنْ وَقَعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الْمَبِيعِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ ثَمَنًا) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا مَثَلًا بِكُرِّ بُرٍّ أَوْ بِرِطْلِ زَيْتٍ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَجَازَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ شَيْخَهُ فِي ذِكْرِهَا هُنَا. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ الْكَيْلُ أَوْلَى) لِأَنَّ الْكَيْلَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَذْرُوعَ شَرَطَ الذَّرْعَ. (قَوْلُهُ: فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الْأَكْلِ هُنَا وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَنْبَنِي عَلَى الْمِلْكِ ط. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ مَا مَرَّ مِرَارًا إلَخْ) مِنْهَا مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَيْعِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً إلَخْ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الذَّرْعِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَصْفًا وَكَوْنِ الْقَدْرِ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَصْلًا وَهُوَ كَوْنُ التَّشْقِيصِ يَضُرُّ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي إلَخْ، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ الْفَرْقَ بِأَنَّ الذَّرْعَ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ أَوْ النُّقْصَانِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَذَلِكَ وَصْفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute