للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا زَمَنٌ يَسَعُ الْغُسْلَ) وَلُبْسَ الثِّيَابِ (وَالتَّحْرِيمَةَ) يَعْنِي مِنْ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِتَعْلِيلِهِمْ بِوُجُوبِهَا فِي ذِمَّتِهَا، حَتَّى لَوْ طَهُرَتْ فِي وَقْتِ الْعِيدِ لَا بُدَّ أَنْ يَمْضِيَ وَقْتُ الظُّهْرِ كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ التَّحْرِيمَةُ فِي الصَّوْمِ؟

ــ

[رد المحتار]

الصَّلَاةَ بِهِ هُوَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّيَمُّمِ عَدَمُ الْحَيْضِ، فَإِذَا صَلَّتْ بِهِ وَحَكَمَ الشَّرْعُ بِصِحَّةِ صَلَاتِهَا يَكُونُ حُكْمًا بِصِحَّةِ تَيَمُّمِهَا وَبِأَنَّهَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَيْضِ، كَمَا يُحْكَمُ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ وَبَقَائِهَا بِمَنْزِلَةِ الْجُنُبِ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ أَوْ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا لِحُكْمِ الشَّرْعِ عَلَيْهَا بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ، وَلِهَذَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبَهَا وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ كَمَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ.

وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَائِضٍ التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ إذَا كَانَ أَيَّامُ حَيْضِهَا عَشْرَةً وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا. اهـ. فَشُرِطَ لِجَوَازِ تَيَمُّمِهَا لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ الْعِيدِ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا التَّيَمُّمِ هُوَ التَّيَمُّمُ النَّاقِصُ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةٍ تَفُوتُ لَا إلَى بَدَلٍ، وَإِنَّمَا كَانَ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ الْفَرْضُ، بَلْ يَبْطُلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ، حَتَّى لَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ أُخْرَى لَا يَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا بِهَذَا التَّيَمُّمِ عَلَى مَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّيَمُّمُ نَاقِصًا فَلَا تَخْرُجُ بِهِ الْحَائِضُ مِنْ الْحَيْضِ لِمَا عَلِمْت مِنْ اعْتِبَارِ التَّيَمُّمِ بِشَرْطِهِ مَعَ الصَّلَاةِ مَعَهُ.

وَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ فَيَجُوزُ تَيَمُّمُهَا لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ بِالِانْقِطَاعِ الْمَذْكُورِ، فَلَوْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَيَمَّمَ لِلْجِنَازَةِ أَوْ الْعِيدِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ لَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَيْضِ، وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ عَدَمُ الْمُنَافِي، وَالْحَيْضُ مُنَافٍ لِصِحَّتِهِ.

أَمَّا إذَا انْقَطَعَ لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَصَارَتْ كَالْجُنُبِ فَيَصِحُّ تَيَمُّمُهَا الْمَذْكُورُ كَمَا يَصِحُّ مِنْ الْجُنُبِ، فَكَلَامُ الظَّهِيرِيَّةِ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ هُنَا. وَفِي بَابِ التَّيَمُّمِ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا بِمَا إذَا انْقَطَعَ لِدُونِ الْعَشَرَةِ وَلَمْ تَصِرْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا إذْ لَوْ انْقَطَعَ لِدُونِ الْعَشَرَةِ وَلِتَمَامِ عَادَتِهَا وَمَضَى عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةِ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ، وَجَازَ لِزَوْجِهَا قُرْبَانُهَا، فَيَنْبَغِي صِحَّةُ تَيَمُّمِهَا لِلْجِنَازَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ يَسَعُ الْغُسْلَ) أَيْ مَعَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالِاسْتِقَاءِ وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالتَّسَتُّرِ عَنْ الْأَعْيَنِ. وَفِي شَرْحِ الْبَزْدَوِيِّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغُسْلُ الْمَسْنُونُ أَوْ الْفَرْضُ؛ وَالظَّاهِرُ الْفَرْضُ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ رُجْحَانُ جَانِبِ الطَّهَارَةِ. اهـ كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ (قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيمَةُ) وَهِيَ " اللَّهُ " عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَ " اللَّهُ أَكْبَرُ " عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ يَعْنِي مِنْ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ وَكَانَ لِتَمَامِ عَادَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ أَوْ التَّيَمُّمِ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ طَاهِرَةً حَقِيقَةً أَوْ بَعْدَ أَنْ تَصِيرَ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْقَطِعَ وَيَمْضِيَ عَلَيْهَا أَدْنَى وَقْتِ صَلَاةٍ مِنْ آخِرِهِ، وَهُوَ قَدْرُ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ وَاللُّبْسَ وَالتَّحْرِيمَةَ، سَوَاءٌ كَانَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ أَوْ قُبَيْلَ آخِرِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ؛ فَإِذَا انْقَطَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا مَضَى عَلَيْهَا مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ ذَلِكَ الْقَدْرُ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْوُجُوبِ آخِرُ الْوَقْتِ، وَإِذَا صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا صَارَتْ طَاهِرَةً حُكْمًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالطَّهَارَةِ، وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ فِي آخِرِهِ وَكَانَ بَيْنَ الِانْقِطَاعِ وَبَيْنَ وَقْتِ الْعَصْرِ ذَلِكَ الْقَدْرُ فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ لِمَا قُلْنَا. أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لِصَيْرُورَةِ صَلَاةِ الْعَصْرِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا دُونَ صَلَاةِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ مِنْ وَقْتِهَا مَا يُمْكِنُهَا الشُّرُوعُ فِيهِ.

فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ مُوهِمَةٌ وَلَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّهُ يَحِلُّ بِمُضِيِّ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>