الْأَصَحُّ لَا، وَهِيَ مِنْ الطُّهْرِ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْغُسْلُ لَوْ لِأَكْثَرِهِ وَإِلَّا فَمِنْ الْحَيْضِ
ــ
[رد المحتار]
الْقَدْرِ سَوَاءٌ كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ أَوْ فِي وَقْتٍ مُهْمَلٍ وَهُوَ مَا بَعْدَ الطُّلُوعِ إلَى الزَّوَالِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فِي آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْوَقْتِ الْمُهْمَلِ وَلَا لِأَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ وَدَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِوُجُوبِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ كَذَلِكَ إلَّا بِخُرُوجِ وَقْتِهَا خِلَافًا لِمَا غَلَّظَ فِيهِ بَعْضُهُمْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ وَالْبَحْرِ، فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: يَعْنِي مِنْ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا، وَأَتَى بِالْعِنَايَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِيهَامِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ كَمَا عَبَّرَ الْبِرْكَوِيُّ بِقَوْلِهِ أَوْ تَصِيرُ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ، وَلَكِنَّهُ قَصَدَ التَّنْبِيهَ عَلَى مَا بِهِ تَصِيرُ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا، وَهُوَ مُضِيُّ هَذَا الزَّمَانِ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْغُسْلِ كَمَا فِي الْبِرْكَوِيَّةِ، فَلَوْ تَمَّ لَهَا عَشْرَةُ أَيَّامٍ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَالْغُسْلُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُضِيِّ هَذَا الزَّمَنِ.
[تَنْبِيهٌ] إنَّمَا حَلَّ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالطَّهَارَةِ بِصَيْرُورَةِ الصَّلَاةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْجُنُبِ وَخَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ حُكْمًا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ كَمَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا اغْتَسَلَتْ؛ وَحَيْثُ صَارَتْ كَالْجُنُبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ خَافَتْ فَوْتَهَا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْجُنُبِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا) أَيْ فَلَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ الصُّبْحِ فِي رَمَضَانَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ فَقَطْ لَزِمَهَا صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْعِشَاءِ مَا لَمْ تُدْرِكْ قَدْرَ تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُجْتَبَى.
وَنَقَلَ بَعْدَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّوْشِيحِ وَالسِّرَاجِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهَا صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ الِاغْتِسَالِ وَالتَّحْرِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا إلَّا بِهَذَا، وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُهُمَا يُجْزِيهَا؛ لِأَنَّ الْعِشَاءَ صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ مِنْ حُكْمِ الطَّاهِرَاتِ فَحُكِمَ بِطَهَارَتِهَا ضَرُورَةً. اهـ وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ أَنَّ الصَّوْمَ يُمْكِنُ إنْشَاؤُهُ فِي النَّهَارِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهُ عَلَى إدْرَاكِهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْغُسْلِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَجْزَأَهَا الصَّوْمُ بِمُجَرَّدِ إدْرَاكِ قَدْرِ الْغُسْلِ لَزِمَ أَنْ يُحْكَمَ بِطَهَارَتِهَا مِنْ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ مِنْ الْحَائِضِ، وَلَزِمَ أَنْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا لَوْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ فِي رَمَضَانَ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ، مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَا لَمْ تَجِبْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا، وَلَا تَجِبُ إلَّا بِإِدْرَاكِ الْغُسْلِ وَالتَّحْرِيمَةِ؛ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا قَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْحَقُّ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ مِثْلُ التَّحْرِيمَةِ إذْ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ كَمَا مَرَّ، لَكِنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ التَّحْرِيمَةِ لَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُجْتَبَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ التَّحْرِيمَةُ: أَيْ زَمَانُهَا مِنْ الطُّهْرِ: أَيْ مِنْ زَمَنِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِانْقِطَاعُ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ أَوْ لِدُونِ ذَلِكَ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا الْغُسْلُ) أَيْ الْغُسْلُ مِثْلُ التَّحْرِيمَةِ فِي أَنَّهُ مِنْ الطُّهْرِ لَوْ الِانْقِطَاعُ لِأَكْثَرِهِ أَوْ لِأَقَلِّهِ فَلَا، بَلْ هُوَ مِنْ الْحَيْضِ، لَكِنَّ هَذَا فِي حَقِّ الْقُرْبَانِ، وَانْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ وَجَوَازِ التَّزَوُّجِ بِآخَرَ لَا فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا طَهُرَتْ عَقِبَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ فِي اللَّيْلَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّفَقِ فَهُوَ طُهْرٌ تَامٌّ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ وَقْتِ الِاغْتِسَالِ. اهـ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى: أَيْ لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ حَلَّ لِزَوْجِهَا قُرْبَانُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ مِنْ الطُّهْرِ فَصَارَ وَاطِئًا فِي الطُّهْرِ، وَكَذَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ بِمُجَرَّدِ طُهْرِهَا بِتَمَامِ الْعَشَرَةِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا. وَيَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْ الْأَوَّلِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِانْقِطَاعُ لِدُونِ الْعَشَرَةِ وَلِتَمَامِ عَادَتِهَا فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ مِنْ الْحَيْضِ، فَلَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ كَانَ وَاطِئًا فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَكَذَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute