للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْرُوطٍ) ذَلِكَ الْفَضْلُ (لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فَلَوْ شُرِطَ لِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ بِرِبًا بَلْ بَيْعًا فَاسِدًا (فِي الْمُعَاوَضَةِ) فَلَيْسَ الْفَضْلُ فِي الْهِبَةِ بِرِبًا فَلَوْ شَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزَادَ دَانَقًا إنْ وُهِبَهُ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا وَلَمْ يَفْسُدْ الشِّرَاءُ وَهَذَا إنْ ضَرَّهَا الْكَسْرُ لِأَنَّهَا هِبَةُ مَشَاعٍ لَا يُقَسَّمُ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَفِي صَرْفِ الْمَجْمَعِ أَنَّ صِحَّةَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ قَوْلُ الْإِمَامِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا أَجَازَ الْحَطَّ وَجَعَلَهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً كَحَطِّ كُلِّ الثَّمَنِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ قَالَ ابْنُ مَلَكٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا خَفِيٌّ عِنْدِي

ــ

[رد المحتار]

وَالْمُرَادُ رِبَا الْفَضْلِ لِتَحَقُّقِ رِبَا النَّسِيئَةِ، فَلَوْ بَاعَ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْهَرَوِيِّ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْهُ أَوْ بَيْضَةً بِبَيْضَتَيْنِ جَازَ لَوْ يَدًا بِيَدٍ لَا لَوْ نَسِيئَةً لِأَنَّ وُجُودَ الْجِنْسِ فَقَطْ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ لَا الْفَضْلَ كَوُجُودِ الْقَدْرِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ مَشْرُوطٍ) تَرْكُهُ أَوْلَى فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ تَحَقُّقَ الرِّبَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَدُّ لَا يَتِمُّ بِالْعِنَايَةِ قُهُسْتَانِيٌّ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بِلَا شَرْطٍ رِبًا أَيْضًا لَا أَنْ يَهَبَهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ أَيْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ) أَيْ مِثْلًا فَمِثْلُهُمَا الْمُقْرَضَانِ وَالرَّاهِنَانِ قُهُسْتَانِيٌّ قَالَ: وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا شَرَطَ الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ كَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ وَاللُّبْسِ وَشُرْبِ اللَّبَنِ وَأَكْلُ الثَّمَرِ فَإِنَّ الْكُلَّ رِبًا حَرَامٌ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالنُّتَفِ اهـ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ شُرِطَ لِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ بِرِبًا) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْبُيُوعَ الْفَاسِدَةَ لَيْسَتْ كُلُّهَا مِنْ الرِّبَا بَلْ مَا فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ بَلْ بَيْعًا فَاسِدًا) عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ خَبَرِ لَيْسَ ط، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ الْفَسَادُ بِشَرْطِ النَّفْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْفَضْلُ فِي الْهِبَةِ بِرِبًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا ط عَنْ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك كَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا فَإِنَّ هَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الصَّرْفِ، وَظَاهِرُ مَا هُنَا أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَأْسٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَشْرُوطٍ (قَوْلُهُ وَزَادَهُ دَانِقًا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الشِّرَاءِ كَمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهَا، فَلَوْ مَشْرُوطًا وَجَبَ رَدُّهُ لَوْ قَائِمًا كَمَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ.

ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَزَادَهُ بِضَمِيرِ الْمَذْكُورِ يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ مَقْصُودَةٌ وَذَكَرَ ح أَنَّ الَّذِي فِي الْمِنَحِ زَادَتْ بِالتَّاءِ أَيْ زَادَتْ الدَّرَاهِمُ وَمَفَادُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لَكِنْ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمِنَحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ بِدُونِ تَاءٍ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْهَا وَكَذَا رَأَيْته فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ انْعِدَامُ الرِّبَا بِسَبَبِ الْهِبَةِ إنْ ضَرَّهَا أَيْ الدَّرَاهِمَ الْكَسْرُ فَلَوْ لَمْ يَضُرَّهَا الْكَسْرُ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ إلَّا بِقِسْمَةِ الدَّانِقِ وَتَسْلِيمِهِ لِإِمْكَانِ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَفِي صَرْفِ الْمَجْمَعِ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْحَطِّ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ سَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا وَالْتِحَاقِهِمَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَبِفَسَادِ الْعَقْدِ بِتَسْمِيَتِهَا، وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ سَوَّى بَيْنَهُمَا أَيْ فَأَبْطَلَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْ شَيْئًا مِنْهُمَا هِبَةً مُبْتَدَأَةً، وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَصَحَّحَ الْحَطَّ هِبَةً مُبْتَدَأَةً دُونَ الزِّيَادَةِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْحَطِّ مَعْنَى الْهِبَةِ لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَحْطُوطِ عَنْهُ بِلَا عِوَضٍ، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ إذْ لَوْ صَحَّتْ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَبِأَخْذِ حِصَّةٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَالتَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ لَا يَصِحُّ كِنَايَةً عَنْ التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ فَلِذَا افْتَرَقَا اهـ.

قُلْت: وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْحَطَّ إسْقَاطٌ بِلَا عِوَضٍ فَيُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ أَيْضًا، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَ بَاقِي الثَّمَنِ عِوَضًا عَنْ الْمَبِيعِ، فَكَانَتْ تَمْلِيكًا بِعِوَضٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا كِنَايَةً عَنْ الْهِبَةِ فَلِذَا أَبْطَلَهَا (قَوْلُهُ كَحَطِّ كُلِّ الثَّمَنِ) وَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ حَطَّ كُلِّ الثَّمَنِ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ لِبَقَائِهِ بِلَا ثَمَنٍ وَكَذَا الْحَطُّ هُنَا فَإِنَّهُ لَوْ الْتَحَقَ يَفُوتُ التَّمَاثُلُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فَلِذَا جَعَلَ هِبَةً مُبْتَدَأً (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا خَفِيٌّ عِنْدِي) قَدْ أَسْمَعْنَاك الْفَرْقَ وَقَالَ ح: قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ عِنْدِي، لِأَنَّ مِنْ الْحَطِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>