للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ وَأَحَدُهُمَا أَكْثَرُ وَزْنًا فَحَلَّلَهُ زِيَادَتَهُ جَازَ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ لَا يُقَسَّمُ وَلَوْ بَاعَ قِطْعَةَ لَحْمٍ بِلَحْمٍ أَكْثَرَ وَزْنًا فَوَهَبَهُ الْفَضْلَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ يُقَسَّمُ

قُلْت: وَمَا قَدَّمْنَا عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ فَالْكُلُّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ وَالْعَقْدِ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَكَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ سِوَى الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ لِعَدَمِ التَّسَاوِي فَلْيُحْفَظْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا.

(وَعِلَّتُهُ) أَيْ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ (الْقَدْرُ)

ــ

[رد المحتار]

وَيَجْعَلُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ حَطُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَكَانَ الْبَعْضُ كَالْكُلِّ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مُلْحَقَةً بِالْعَقْدِ وَبِذَلِكَ يَفُوتُ التَّسَاوِي اهـ (قَوْلُهُ قَالَ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) أَيْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ نَاقِلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فَإِنَّ قَوْلَ الْخُلَاصَةِ فَحَلَّلَهُ أَيْ وَهَبَهُ زِيَادَتَهُ جَازَ يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَجْمَعِ وَتَأْيِيدٌ لِكَلَامِ شَارِحِهِ ابْنِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فَإِنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ وُهِبَهُ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ زِيَادَةَ الدَّانِقِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيُنَافِي قَوْلَ الْمَجْمَعِ إنَّهُ أَجَازَ الْحَطَّ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ.

أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَا فِي عَدَمِهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ وُهِبَهُ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ بِدُونِ الْهِبَةِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْحَطَّ وَالزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ غَيْرُ الْهِبَةِ وَلِذَا يَلْتَحِقَانِ بِالْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ فَصْلِ الْقَرْضِ، فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنْ جَعَلَ الْخَمْسَةَ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ وَقَبِلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَالْتَحَقَتْ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَإِنْ جَعَلَ الْخَمْسَةَ هِبَةً لَمْ تَصِرْ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ. بَلْ تَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً فَيُرَاعَى لَهَا شُرُوطُ الْهِبَةِ. مِنْ الْإِفْرَازِ وَالتَّسْلِيمِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ لَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً حَتَّى اشْتَرَطَ لَهَا شَرْطَ الْهِبَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا إنْ ضَرَّهَا الْكَسْرُ إلَخْ وَمِثْلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ مَالِكٍ عَنْ الْخُلَاصَةِ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ زِيَادَةً، وَإِنَّمَا يَصِحُّ هِبَةً بِشُرُوطِهَا وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِقَوْلِ الْمَجْمَعِ إنَّ مُحَمَّدًا أَبْطَلَ الزِّيَادَةَ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مُحَمَّدًا أَجَازَ هُنَا الْحَطَّ دُونَ الزِّيَادَةِ لَكِنَّهُ يَجْعَلُ الْحَطَّ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا حَطًّا حَقِيقَةً لِئَلَّا يَفْسُدَ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَقَدْ أَبْطَلَهَا لِأَنَّهَا لَوْ الْتَحَقَتْ بِالْعَقْدِ أَفْسَدَتْهُ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا كِنَايَةً عَنْ الْهِبَةِ لِمَا مَرَّ فَلِذَا بَطَلَتْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ الزِّيَادَةَ صَرِيحًا، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا الصَّرْفُ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِمَكَانِ الرِّبَا فَإِذَا وُهِبَ الدَّانِقَ مِنْهُ فَقَدْ انْعَدَمَ الرِّبَا اهـ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحِلُّ فَافْهَمْ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَشْرُوطَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ، فَلَوْ مَشْرُوطَةً وَوَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْكُلِّ وَجَبَ نَقْضُ الْعَقْدِ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَلَا تُؤَثِّرُ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ كَمَا مَرَّ تَحْرِيرُهُ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ التَّنَافِي بَيْنَ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَعَلِمْت عَدَمَهُ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا صَرَّحَ بِكَوْنِهَا هِبَةً فَتَكُونُ هِبَةً بِشُرُوطِهَا وَمَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ فَيَفْسُدُ) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالْحَطَّ يَصِحَّانِ عِنْدَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا لَا بِمَعْنَى الْهِبَةِ وَإِذَا صَحَّا الْتَحَقَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ لِعَدَمِ التَّسَاوِي.

(قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ) الْعِلَّةُ لُغَةً الْمَرَضُ الشَّاغِلُ. وَاصْطِلَاحًا مَا يُضَافُ إلَيْهِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَيْ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ) كَذَا فُسِّرَ الضَّمِيرُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَيْ عِلَّةُ الرِّبَا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَذْكُورَ سَابِقًا لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ لَفْظُ تَحْرِيمِ فَافْهَمْ، وَأَرَادَ بِالزِّيَادَةِ الْحَقِيقِيَّةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَيْ الزِّيَادَةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ الْحُكْمِيَّةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>