وَاسْتَثْنَى فِي الْمَجْمَعِ وَالدُّرَرِ إسْلَامَ مَنْقُودٍ فِي مَوْزُونٍ
كَيْ لَا يَنْسَدَّ
أَكْثَرُ أَبْوَابِ السَّلَمِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْغَايَةِ جَوَازَ إسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ.
قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَدْرَ بِانْفِرَادِهِ لَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ بِخِلَافِ الْجِنْسِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ مَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّ حُرْمَةَ النِّسَاءِ تَتَحَقَّقُ بِالْجِنْسِ وَبِالْقَدْرِ الْمُتَّفَقِ قُنْيَةٌ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ
ــ
[رد المحتار]
الْجِنْسِيَّةِ فَلَوْ مَثَّلَ بِبَيْعِ هَرَوِيٌّ بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَوْلَى ح (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى فِي الْمَجْمَعِ إلَخْ) وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: إلَّا أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ النُّقُودَ فِي الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ: أَيْ كَالْقُطْنِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ يَجُوزُ إلَخْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ الْوَزْنَ فِيهَا مُخْتَلِفٌ فَإِنَّهُ فِي النُّقُودِ بِالْمَثَاقِيلِ وَالدَّرَاهِمِ بِالصَّنَجَاتِ، وَفِي الزَّعْفَرَانِ بِالْأَمْنَاءِ وَالْقَبَّانِ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي الصُّورَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ آخَرُ مَعْنَوِيٌّ، وَهُوَ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ وَالزَّعْفَرَانُ وَغَيْرُهُ يَتَعَيَّنُ. وَآخَرُ حُكْمِيٌّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ النُّقُودَ مُوَازَنَةً وَقَبَضَهَا كَانَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْوَزْنِ وَفِي الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ يُشْتَرَطُ إعَادَةُ الْوَزْنِ، فَإِذَا اخْتَلَفَا أَيْ النُّقُودُ وَنَحْوُهُ الزَّعْفَرَانُ فِي الْوَزْنِ صُورَةً وَمَعْنًى وَحُكْمًا لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ ضَعَّفَ فِي الْفَتْحِ هَذِهِ الْفُرُوقَ، وَقَالَ: إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُسْتَثْنَى إسْلَامُ النُّقُودِ فِي الْمَوْزُونَاتِ بِإِجْمَاعٍ
أَكْثَرُ أَبْوَابِ السَّلَمِ، وَسَائِرُ الْمَوْزُونَاتِ غَيْرُ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُسَلَّمَ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا كَإِسْلَامِ حَدِيدٍ فِي قُطْنٍ وَزَيْتٍ فِي جُبْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَزْنِيًّا بِالصَّنْعَةِ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَلَوْ أَسْلَمَ سَيْفًا فِيمَا يُوزَنُ جَازَ إلَّا فِي الْحَدِيدِ، لِأَنَّ السَّيْفَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا وَمَنَعَهُ فِي الْحَدِيدِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ يَدًا بِيَدٍ نُحَاسًا كَانَ أَوْ حَدِيدًا، أَوْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ مِنْ الْآخَرِ، بِخِلَافِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي بِالْفَضْلِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ وَزْنًا لِأَنَّ الْوَزْنَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالصَّنْعَةِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَزْنِ بِالْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْكَمَالِ وَعِلَّتُهُ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ لَمْ يَقُلْ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ، لِأَنَّ الْقَدْرَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ مَا ذَكَرَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ إسْلَامُ الْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ، لِأَنَّ أَحَدَ الْوَصْفَيْنِ مُحَرَّمٌ لِلنَّسَاءِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ إسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ اهـ وَكَتَبَ فِي الْهَامِشِ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ اهـ.
قُلْت: وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِالْقَدْرِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا إلَخْ، لَأَفَادَ تَحْرِيمَ إسْلَامِ الْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْقَدْرُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ: أَيْ بِأَوْ الَّتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْقَدْرَ الْمُخْتَلِفَ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ لَفْظَ الْقَدْرِ مُشْتَرَكٌ كَمَا قَالَ: وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي كَلَامِ مَعْنَيَيْهِ عِنْدَنَا فَإِذَا ذُكِرَ لَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ إمَّا الْكَيْلُ وَحْدَهُ أَوْ الْوَزْنُ وَحْدَهُ، فَيُسَاوِي التَّعْبِيرَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْقَدْرَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ إسْلَامِ مَنْقُودٍ فِي مَوْزُونٍ وَإِسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ فَإِنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ الْقَدْرُ الْمُتَّفِقُ وَفِي الثَّانِي الْقَدْرُ الْمُخْتَلِفُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلْيُحَرَّرْ) تَحْرِيرُهُ مَا أَفَادَهُ عَقِبَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ هُوَ الْقَدْرُ الْمُتَّفِقُ كَبَيْعِ مَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ، بِخِلَافِ الْمُخْتَلِفِ كَبَيْعِ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إسْلَامُ مَنْقُودٍ فِي مَوْزُونٍ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ فِي السَّلَمِ إلَخْ) بَيَانٌ لِتَحْرِيرِ الْمُرَادِ لَكِنْ اعْتَرَضَ بِأَنَّ السَّلَمَ سَيَأْتِي بَعْدُ، هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ فَتَنَبَّهْ بِالْفَاءِ، وَالْأَمْرُ بِالتَّنْبِيهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قُنْيَةٌ بِالْقَافِ اسْمُ الْكِتَابِ الْمَشْهُورِ، وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ قَدَّمَ السَّلَمَ أَوَّلَ الْبَيْعِ فَصَحَّ قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ فِي السَّلَمِ.
[تَنْبِيهٌ] : مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ حُرْمَةَ النَّسَاءِ بِالْقَدْرِ الْمُتَّفِقِ مُؤَيِّدٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَمَالٍ مِنْ جَوَازِ إسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute