للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحَرُمَ بَيْعُ كَيْلِيٍّ وَوَزْنِيٍّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَلَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (كَجِصٍّ) كَيْلِيٍّ

(وَحَدِيدٍ) وَزْنِيٍّ ثُمَّ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ يُعْرَفُ بِاخْتِلَافِ الِاسْمِ الْخَاصِّ وَاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ كَمَا بَسَطَهُ الْكَمَالُ (وَحَلَّ) بَيْعُ ذَلِكَ (مُتَمَاثِلًا) لَا مُتَفَاضِلًا (وَبِلَا مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ) فَإِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِعْيَارَ بِالذَّرَّةِ وَبِمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ (كَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ) وَثَلَاثٍ وَخَمْسٍ

ــ

[رد المحتار]

لِاخْتِلَافِ الْقَدْرِ لِكَوْنِ الْحِنْطَةِ مَكِيلًا وَالزَّيْتِ مَوْزُونًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْحِنْطَةَ فِي شَعِيرٍ وَزَيْتٍ أَيْ فِي مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، وَقَدْ نَصَّ فِي كَافِي الْحَاكِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي حِصَّةِ الزَّيْتِ.

(قَوْلُهُ مُتَفَاضِلًا) أَيْ وَنَسِيئَةً وَتَرَكَهُ لِفَهْمِهِ لُزُومًا فَإِنَّهُ كُلَّمَا حَرُمَ الْفَضْلُ حَرُمَ النَّسَاءُ وَلَا عَكْسَ وَكُلَّمَا حَلَّ النَّسَاءُ حَلَّ الْفَضْلُ وَلَا عَكْسَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ الطَّعْمَ وَالثَّمَنِيَّةَ فَمَا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَلَا ثَمَنٍ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ كَيْلِيٍّ) قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى بَيْعِهِ جُزَافًا فَإِنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ جَائِزٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ وَزْنِيٍّ فَإِنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَارَفُوا وَزْنَهُ أَوْ عَنْ بَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَالسَّيْفِ اهـ ح أَيْ فَإِنَّ السَّيْفَ خَرَجَ بِالصَّنْعَةِ عَنْ كَوْنِهِ وَزْنِيًّا فَيَحِلُّ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِ الْحَوْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ عُدِمَا إلَخْ لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ هُنَا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ بِجِنْسِهِ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ لِيُعْلَمَ مَا يَتَّحِدُ بِهِ.

(قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ فَالْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ جِنْسَانِ، خِلَافًا لِمَالِكٍ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ اسْمًا وَمَعْنًى وَإِفْرَادُ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ» ) يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ وَالثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ وَالْمَرْوِيُّ جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ صَنْعَةِ الثَّوْبِ بِهَا وَكَذَا الْمَرْوِيُّ الْمَنْسُوجُ بِبَغْدَادَ وَخُرَاسَانَ وَاللَّبَدُ الْأَرْمَنِيُّ وَالطَّالَقَانِيُّ جِنْسَانِ وَالتَّمْرُ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ وَالشَّبَّةُ أَجْنَاسٌ، وَكَذَا غَزْلُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَلَحْمُ الْبَقَرِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْأَلْيَةُ وَاللَّحْمُ وَشَحْمُ الْبَطْنِ أَجْنَاسٌ وَدُهْنُ الْبَنَفْسَجِ وَالْجِيرِيُّ جِنْسَانِ وَالْأَدْهَانُ الْمُخْتَلِفَةُ أُصُولُهَا أَجْنَاسٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ زَيْتٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ بِرِطْلٍ مَطْبُوخٍ مُطَيَّبٍ لِأَنَّ الطِّيبَ زِيَادَةٌ أهـ مُلَخَّصًا، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودِ أَوْ بِتَبَدُّلِ الصِّفَّةِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ مُتَمَاثِلًا) الشَّرْطُ تَحَقُّقُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَفِي الْفَتْحِ لَوْ تَبَايَعَا مُجَازَفَةً ثُمَّ كَيْلًا بَعْدَ ذَلِكَ، فَظَهَرَا مُتَسَاوِيَيْنِ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِزُفَرَ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمُسَاوَاةِ عِنْدَ الْعَقْدِ شَرْطُ الْجَوَازِ اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّرْفِ عَنْ السِّرَاجِ: لَوْ تَبَايَعَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ مُجَازَفَةً لَمْ يَجُزْ فَإِنْ عُلِمَ التَّسَاوِي فِي الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَا عَنْ قَبْضٍ صَحَّ اهـ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ التَّسَاوِي بَعْدَ الْمَجْلِسِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا مُتَفَاضِلًا) صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ بِالْمُقَابَلَةِ بِمَا قَبْلَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّمَاثُلُ فِي الْقَدْرِ فَقَطْ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ اسْتَوَيَا وَزْنًا وَصِفَةً لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُفِيدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبِلَا مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَمَّا حَصَرُوا الْمُعَرَّفَ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَجَازُوا مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ مُجَازَفَةً كَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَتَيْنِ وَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمِعْيَارِ الْمَعْرُوفِ لِلْمُسَاوَاةِ، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْفَضْلُ، وَلِهَذَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ لَا بِالْمِثْلِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَدَلَيْنِ نِصْفَ صَاعٍ، فَلَوْ بَلَغَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ نِصْفِ صَاعٍ فَصَاعِدًا بِحَفْنَةٍ اهـ.

ثُمَّ رَجَّحَ الْحُرْمَةَ مُطْلَقًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِعْيَارَ بِالذَّرَّةِ) وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ بَاعَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ، كَالذَّرَّةِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ جَازَ لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ شَرْعًا إذْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ اهـ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَالذَّرَّةِ أَنَّهَا غَيْرُ قَيْدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَذَرَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ إلَخْ، فَيَشْمَلُ الذَّرَّتَيْنِ وَالْأَكْثَرَ مِمَّا لَا يُوزَنُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَبَّةَ مِعْيَارٌ شَرْعًا نِصْفُ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ إلَّا حَبَّةً كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الصَّرْفِ، فَقَدْ اعْتَبَرُوا الْحَبَّةَ مِقْدَارًا شَرْعِيًّا. وَفِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَسْرَارِ: مَا دُونَ الْحَبَّةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا قِيمَةَ لَهُ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا دُونَ الْحَبَّةِ حُكْمُ الذَّرَّةِ، فَالْمُرَادُ بِالذَّرَّةِ هُنَا مَا لَا يَبْلُغُ حَبَّةً فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَحَفْنَةٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>