وَفِي الْكَافِي الْفَتْوَى عَلَى عَادَةِ النَّاسِ بَحْرٌ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (وَالْمُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الرِّبَوِيِّ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ) وَمَصُوغِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (بِلَا شَرْطِ تَقَابُضٍ) حَتَّى لَوْ بَاعَ بُرًّا بِبُرٍّ بِعَيْنِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَلَوْ أَحَدُهُمَا دَيْنًا فَإِنْ هُوَ الثَّمَنُ وَقَبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ وَإِلَّا لَا كَبَيْعِهِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ سِرَاجٌ.
ــ
[رد المحتار]
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا يَثْبُتُ كَيْلُهُ بِالنَّصِّ إذَا بِيعَ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ مَا يَثْبُتُ وَزْنُهُ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْكَافِي لِلْفَتْوَى عَلَى عَادَةِ النَّاسِ) ظَاهِرُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا فِي السَّلَمِ فَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَحْرِ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فِي الْحِنْطَةِ وَزْنًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ لِأَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَفِي الْكَافِي الْفَتْوَى عَلَى عَادَةِ النَّاسِ اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَوْلُ الْكَافِي: الْفَتْوَى عَلَى عَادَةِ النَّاسِ يَقْضِي أَنَّهُمْ لَوْ اعْتَادُوا أَنْ يُسْلِمُوا فِيهَا كَيْلًا وَأَسْلَمَ وَزْنًا لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ بَلْ إذَا اتَّفَقَا عَلَى مَعْرِفَةِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِوُجُودِ الْمُصَحِّحِ، وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ كَذَا فِي الْفَتْحِ اهـ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْوَزْنِ فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَى أَنَّهَا مَكِيلَةٌ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بِمِثْلِهَا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِالدَّرَاهِمِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ فِي حِنْطَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيرُهَا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ، وَظَاهِرُ الْكَافِي وُجُوبُ اتِّبَاعِ الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَمَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ ظَاهِرٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بَحْرٌ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهَذَا تَقْوِيَةُ كَلَامِ الْكَافِي وَأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْفَتْحِ لَكِنْ عَلِمْت مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الرِّبَوِيِّ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ) لِأَنَّ غَيْرَ الصَّرْفِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ، وَيُتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ كَالثِّيَابِ أَيْ إذَا بِيعَ ثَوْبٌ بِخِلَافِ الصَّرْفِ، لِأَنَّ الْقَبْضَ شُرِطَ فِيهِ لِلتَّعْيِينِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِدُونِ الْقَبْضِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّرْفَ وَهُوَ مَا وَقَعَ عَلَى جِنْسِ الْأَثْمَانِ ذَهَبًا وَفِضَّةً بِجِنْسِهِ أَوْ بِخِلَافِهِ لَا يَحْصُلُ فِيهِ التَّعْيِينُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِنَّ الْأَثْمَانَ لَا تَتَعَيَّنُ مَمْلُوكَةً إلَّا بِهِ وَلِذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ تَبْدِيلُهَا أَمَّا غَيْرُ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَمَصُوغِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، فَإِنَّ الْمَصُوغَ مِنْ الصَّرْفِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِهِ وَكَأَنَّهُ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ خُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ الصَّرْفِ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ بَاعَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَيَانُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا تَبَايَعَا كَيْلِيًّا بِكَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيًّا بِوَزْنِيٍّ كِلَاهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ كِلَاهُمَا عَيْنًا أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي مِلْكِهِ وَالتَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِالْأَبْدَانِ، لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِهِ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَالْآخَرُ دَيْنًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ جَعَلَ الدَّيْنَ مِنْهُمَا ثَمَنًا، وَالْعَيْنَ مَبِيعًا جَازَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَعَيَّنَ الدَّيْنُ مِنْهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ وَإِنْ جَعَلَ الدَّيْنَ مِنْهُمَا مَبِيعًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَاَلَّذِي ذَكَرَ فِيهِ الْبَاءَ ثَمَنٌ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْبَاءُ مَبِيعٌ.
وَبَيَانُهُ: إذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنَّهَا قَفِيزٌ بِقَفِيزِ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ قَالَ: بِعْت مِنْك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنَّهَا قَفِيزٌ بِقَفِيزٍ مِنْ شَعِيرٍ جَيِّدٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا مَبِيعًا وَالدَّيْنَ الْمَوْصُوفَ ثَمَنًا، وَلَكِنْ قَبْضُ الدَّيْنِ مِنْهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ شَرْطٌ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ أَنْ يُجْعَلَ الِافْتِرَاقُ عَنْ عَيْنٍ بِعَيْنٍ، وَمَا كَانَ دَيْنًا لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَوْ قَبَضَ الدَّيْنَ مِنْهُمَا ثُمَّ تَفَرَّقَا جَازَ الْبَيْعُ قَبَضَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَلَوْ اشْتَرَيْت مِنْك قَفِيزَ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ بِهَذَا الْقَفِيزِ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك قَفِيزَيْ شَعِيرٍ جَيِّدٍ بِهَذَا الْقَفِيزِ مِنْ الْحِنْطَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَحْضَرَ الدَّيْنَ فِي الْمَجْلِسِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الدَّيْنَ مَبِيعًا فَصَارَ بَائِعًا مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ اهـ ح (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ) أَيْ كُلِّ مَطْعُومٍ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ فَاكِهَةٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute