(وَجَيِّدُ مَالٍ الرِّبَا) لَا حُقُوقِ الْعَبْدِ (وَرَدِيئُهُ سَوَاءٌ) إلَّا فِي أَرْبَعٍ مَالِ وَقْفِ وَيَتِيمٍ وَمَرِيضٍ وَفِي الْقُلْبِ الرَّهْنُ إذَا انْكَسَرَ أَشْبَاهٌ
(بَاعَ فُلُوسًا بِمِثْلِهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ فَإِنْ نَقَدَ أَحَدُهُمَا جَازَ) وَإِنْ تَفَرَّقَا بِلَا قَبْضِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ (كَمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ وَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ) لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَوْزُونِ بِمَا لَيْسَ بِمَوْزُونٍ
ــ
[رد المحتار]
وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ وَجَيِّدُ مَالٍ الرِّبَا وَرَدِيئُهُ سَوَاءٌ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ مِمَّا فِيهِ الرِّبَا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِإِهْدَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْوَصْفِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لَا حُقُوقِ الْعِبَادِ) عَطْفٌ عَلَى مَالِ الرِّبَا قَالَ فِي الْمِنَحِ: قَيَّدَ بِمَالِ الرِّبَا، لِأَنَّ الْجَوْدَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَإِذَا أَتْلَفَ جَيِّدًا لَزِمَهُ مِثْلُهُ قَدْرًا وَجَوْدَةً إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَلَكِنْ لَا تُسْتَحَقُّ أَيْ الْجَوْدَةُ بِإِطْلَاقِ عَقْدِ الْبَيْعِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً أَوْ شَيْئًا فَوَجَدَهُ رَدِيئًا بِلَا عَيْبٍ لَا يَرُدُّهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى صَرْفِ الْمُحِيطِ اهـ ح: أَيْ لِأَنَّ الْعَيْبَ هُوَ الْعَارِضُ عَلَى أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَالْجَوْدَةُ أَوْ الرَّدَاءَةُ فِي الشَّيْءِ أَصْلٌ فِي خِلْقَتِهِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ الْعَارِضِ كَالسُّوسِ فِي الْحِنْطَةِ أَوْ عَفَنِهَا فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ لَا بِالرَّدَاءَةِ إلَّا بِاشْتِرَاطِ الْجَوْدَةِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ.
[تَنْبِيهٌ] أَرَادَ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ مَا لَيْسَ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ: أَيْ مَا لَا يَجْمَعُهَا قَدْرٌ وَجِنْسٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْإِتْلَافِ وَلِذَا قَالَ الْبِيرِيُّ قَيَّدَ بِالْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ فِي غَيْرِهَا لَهَا قِيمَةٌ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا كَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا جَيِّدًا بِثَوْبٍ رَدِيءٍ وَزِيَادَةِ دِرْهَمٍ بِإِزَاءِ الْجَوْدَةِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ خُصُوصَ الضَّمَانِ عِنْدَ التَّعَدِّي فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَهُ مَعَ الْأَرْبَعِ وَيَقُولَ: إلَّا فِي خَمْسٍ ثُمَّ إنَّ الْأُولَى ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَإِنَّهُ قَالَ: وَتُعْتَبَرُ أَيْ الْجَوْدَةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ قَفِيزِ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ بِقَفِيزٍ رَدِيءٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ فِي مَالِ الْوَقْفِ، لِأَنَّهُ كَالْيَتِيمِ ثُمَّ قَالَ: وَفِي حَقِّ الْمَرِيضِ حَتَّى تَنْفُذَ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِي الرَّهْنِ الْقُلْبُ إذَا انْكَسَرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ذَهَبًا وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ اهـ.
قُلْت: وَالْقُلْبُ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَا يُلْبَسُ فِي الذِّرَاعِ مِنْ فِضَّةٍ جَمْعُهُ قِلَبَةٌ كَقُرْطٍ وَقِرَطَةٍ: وَهِيَ الْحَلَقُ فِي الْأُذُنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ فَهُوَ السِّوَارُ كَمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ شَرْحِ التَّلْخِيصِ لِلْخَلَّاطِيِّ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ذَهَبًا أَفَادَ بِهِ أَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ إذْ لَوْ ضُمِنَ فِضَّةً: وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ وَزْنِهِ بِسَبَبِ الصِّيَاغَةِ يَلْزَمُ الرِّبَا وَلَوْ ضُمِنَ مِثْلُ وَزْنِهِ يَلْزَمُ إبْطَالُ حَقِّ الْمَالِكِ، فَفِي تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ إعْمَالٌ لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَحَقِّ الْعَبْدِ وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِقُلْبِ الرَّهْنِ، بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ مِثْلِيٍّ تَعَيَّبَ بِغَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَهَلَكَ فِي يَدِهِ، وَلَا يَلْزَمُ قَبْضُ الْقِيمَةِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، لِأَنَّهُ صَرْفٌ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الصَّرْفِ.
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ إهْدَارِ الْجَوْدَةِ بِإِثْبَاتِ اعْتِبَارِهَا إنَّمَا هُوَ لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الْعَبْدِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّرْعِ، فَمَا قِيلَ إنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ قَفِيزٍ جَيِّدٍ بِقَفِيزَيْنِ رَدِيئَيْنِ نَظَرًا لِلْجَوْدَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ، وَهُوَ خَطَأٌ لِلُزُومِ الرِّبَا غَيْرُ وَارِدٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إهْدَارُ الْجَوْدَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ، حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ قَفِيزِهِ الْجَيِّدِ بِقَفِيزٍ رَدِيءٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ أَحَدِ الْحَقَّيْنِ إهْدَارُ الْحَقِّ الْآخَرِ فَاغْتَنِمْ تَحْقِيقَ هَذَا الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَدَ أَحَدُهُمَا جَازَ إلَخْ) نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَكِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ تَحْرِيفٌ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ تَفَرَّقَا بِلَا قَبْضِ أَحَدِهِمَا جَازَ وَصَوَابُهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا عَبَّرَ الشَّارِحُ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ ثُمَّ إنَّهُ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute