فَيَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ بِشَرْطِ التَّعْيِينِ أَمَّا نَسِيئَةٌ فَلَا وَشَرَطَ مُحَمَّدٌ زِيَادَةَ الْمُجَانِسِ وَلَوْ بَاعَ مَذْبُوحَةً بِحَيَّةٍ أَوْ بِمَذْبُوحَةٍ جَازَ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْمَسْلُوخَتَيْنِ إنْ تَسَاوَيَا وَزْنًا ابْنُ مَالِكٍ وَأَرَادَ بِالْمَسْلُوخَةِ الْمَفْصُولَةَ عَنْ السَّقَطِ كَكِرْشٍ وَأَمْعَاءٍ بَحْرٌ.
(وَ) كَمَا جَازَ بَيْعُ (كِرْبَاسٍ بِقُطْنٍ وَغَزْلٍ مُطْلَقًا) كَيْفَمَا كَانَ لِاخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا (كَبَيْعِ قُطْنٍ بِغَزْلِ) الْقُطْنِ (فِي) قَوْلِ مُحَمَّدٍ
ــ
[رد المحتار]
فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا أَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَهَا فِي صَرْفِ الْأَصْلِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّقَابُضَ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الثَّانِيَ، لِأَنَّ التَّقَابُضَ مَعَ التَّعْيِينِ شَرْطٌ فِي الصَّرْفِ، وَلَيْسَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهُ، لِأَنَّ الْفُلُوسَ لَهَا حُكْمُ الْعُرُوضِ مِنْ وَجْهٍ، وَحُكْمُ الثَّمَنِ مِنْ وَجْهٍ فَجَازَ التَّفَاضُلُ لِلْأَوَّلِ وَاشْتُرِطَ التَّقَابُضُ لِلثَّانِي اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ لَفْظَ التَّقَابُضِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَقَدَ أَحَدُهُمَا جَازَ قَوْلٌ ثَالِثٌ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ قَوْلًا آخَرَ، لِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مِنْهُمَا جَمِيعًا بَلْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ.
فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَمَا فِي الْجَامِعِ اشْتِرَاطُهُ مِنْهُمَا، ثُمَّ إنَّ الَّذِي مَرَّ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَبَضَا فِي الْمَجْلِسِ فَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ نَظَرٌ.
[تَنْبِيهٌ] سُئِلَ الْحَانُوتِيُّ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفُلُوسِ نَسِيئَةً. فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ إذَا قُبِضَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى مِائَةَ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ يَكْفِي التَّقَابُضُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ قَالَ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَاعَ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا بِفُلُوسٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ: فَلَا يُغْتَرُّ بِمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْفُلُوسِ إلَى أَجَلٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِقَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ إسْلَامُ مَوْزُونٍ فِي مَوْزُونٍ وَإِلَّا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَبِيعًا كَزَعْفَرَانٍ وَالْفُلُوسُ غَيْرُ مَبِيعَةٍ بَلْ صَارَتْ أَثْمَانًا اهـ.
قُلْت: وَالْجَوَابُ حَمْلُ مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ، عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْجَامِعِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمَحْمُولِ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا أَجَابَ بِهِ فِي صَرْفِ النَّهْرِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْبَيْعِ السَّلَمُ وَالْفُلُوسُ لَهَا شَبَهٌ بِالثَّمَنِ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْأَثْمَانِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا عُرُوضٌ فِي الْأَصْلِ اُكْتُفِيَ بِالْقَبْضِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اللَّحْمُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ لَا مُسَاوِيًا لِمَا فِي الْحَيَوَانِ أَوْ لَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَمَّا نَسِيئَةٌ فَلَا) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي الْحَيَوَانِ أَوْ فِي اللَّحْمِ كَانَ سَلَمًا، وَهُوَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ مُحَمَّدٌ زِيَادَةَ الْمُجَانِسِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَلَحْمِ الْبَقَرِ بِالشَّاةِ الْحَيَّةِ جَازَ كَيْفَمَا كَانَ، وَإِنْ كَانَ بِجِنْسِهِ كَلَحْمِ شَاةٍ بِشَاةٍ حَيَّةٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اللَّحْمُ الْمُفْرَزُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي فِي الشَّاةِ لِتَكُونَ الشَّاةُ بِمُقَابَلَةِ مِثْلِهِ مِنْ اللَّحْمِ وَبَاقِي اللَّحْمِ بِمُقَابَلَةِ السَّقْطِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ مَذْبُوحَةً بِحَيَّةٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّهُ لَحْمٌ بِلَحْمٍ وَزِيَادَةُ اللَّحْمِ فِي أَحَدِهِمَا مَعَ سَقَطِهَا بِإِزَاءِ السَّقَطِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْمَذْبُوحَةِ بِالْمَذْبُوحَةِ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَسْلُوخَتَيْنِ) أَيْ وَكَذَا بَيْعُ الْمَسْلُوخَتَيْنِ فَفِيهِ حَذْفُ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءُ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى إعْرَابِهِ (قَوْلُهُ عَنْ السَّقَطِ) بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّحْمِ كَالْكِرْشِ وَالْمِعْلَاقِ وَالْجِلْدِ وَالْأَكَارِعِ اهـ.
(قَوْلُهُ كِرْبَاسٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ ثَوْبٌ مِنْ الْقُطْنِ الْأَبْيَضِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ كَيْفَمَا كَانَ) مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا اهـ ح (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا) لِأَنَّهُ وَإِنْ اتَّحَدَ الْأَصْلُ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ كَالْحِنْطَةِ وَالْخُبْزِ، وَذَلِكَ اخْتِلَافُ جِنْسٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَعَلَّلَهُ فِي الِاخْتِيَارِ بِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَالْمِعْيَارِ (قَوْلُهُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا بَحْرٌ وَأَفَادَ أَنَّ بَيْعَ الْكِرْبَاسِ بِالْقُطْنِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الِاخْتِيَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute