للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودِ أَوْ بِتَبَدُّلِ الصِّفَةِ فَلْيُحْفَظْ وَجَازَ الْأَخِيرُ لَوْ الْخُبْزُ نَسِيئَةً بِهِ يُفْتَى دُرَرٌ إذَا أَتَى بِشَرَائِطِ السَّلَمِ لِحَاجَةِ النَّاسِ، وَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ إذْ قَلَّمَا يَقْبِضُ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّى وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَعْزِيًّا لِلْخِزَانَةِ الْأَحْسَنُ أَنْ يَبِيعَ خَاتَمًا مَثَلًا مِنْ الْخَبَّازِ بِقَدْرِ مَا يَزِيدُ مِنْ الْخُبْزِ وَيَجْعَلُ الْخُبْزَ الْمَوْصُوفَ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ ثَمَنًا حَتَّى يَصِيرَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْخَبَّازِ وَيُسَلِّمَ الْخَاتَمَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْخَاتَمَ بِالْبُرِّ وَفِيهِ مَعْزِيًّا لِلْمُضْمَرَاتِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخُبْزِ وَزْنًا وَكَذَا عَدَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى

ــ

[رد المحتار]

مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ) أَيْ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ) كَخَلِّ الدَّقَلِ مَعَ خَلِّ الْعِنَبِ وَلَحْمِ الْبَقَرِ مَعَ لَحْمِ الضَّأْنِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَقْصُودِ) كَشَعْرِ الْمَعْزِ وَصُوفِ الْغَنَمِ، فَإِنَّ مَا يُقْصَدُ بِالشَّعْرِ مِنْ الْآلَاتِ غَيْرُ مَا يُقْصَدُ بِالصُّوفِ بِخِلَافِ لَحْمِهِمَا وَلَبَنِهِمَا، فَإِنَّهُ جُعِلَ جِنْسًا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ لِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ بِتَبَدُّلِ الصِّفَةِ) كَالْخُبْزِ مَعَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ الْمُطَيَّبِ بِغَيْرِ الْمُطَيَّبِ، وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَزِيَادَةِ الصَّنْعَةِ بِالنُّونِ وَالْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَجَازَ الْأَخِيرُ) وَهُوَ بَيْعُ خُبْزٍ بِبُرٍّ أَوْ دَقِيقٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْخُبْزُ نَسِيئَةً) عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَبِالنَّسَاءِ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ وَالشَّارِحُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ يُفْتَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُتَأَخِّرُ هُوَ الْبُرُّ جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ أَسْلَمَ وَزْنِيًّا فِي كَيْلِيٍّ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخُبْزُ هُوَ النَّسِيئَةُ فَمَعْنَاهُ وَأَجَازَهُ أَبُو يُوسُفَ ط.

(قَوْلُهُ وَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُحْتَاطَ وَقْتَ الْقَبْضِ بِقَبْضِ الْجِنْسِ الْمُسَمَّى، حَتَّى لَا يَصِيرَ اسْتِبْدَالًا بِالسَّلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا قُبِضَ دُونَ الْمُسَمَّى صِفَةً، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ فِي مَنْعِهِ، لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النَّوْعِ الْمُسَمَّى خُصُوصًا فِيمَنْ يَقْبِضُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا كَذَا رَغِيفًا (قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ إلَخْ) أَيْ فِي بَيْعِ الْخُبْزِ بِالْبُرِّ نَسِيئَةً، وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَحْسَنَ كَوْنُ الْخُبْزِ فِيهِ ثَمَنًا لَا مَبِيعًا، فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ شُرُوطُ السَّلَمِ تَأَمَّلْ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ فِي السَّلَمِ: وَإِذَا دَفَعَ الْحِنْطَةَ إلَى خَبَّازٍ جُمْلَةً، وَأَخَذَ الْخُبْزَ مُفَرَّقًا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ خَاتَمًا أَوْ سِكِّينًا مِنْ الْخَبَّازِ بِأَلْفٍ مِنْ الْخُبْزِ مِثْلًا، وَيَجْعَلُ الْخُبْزَ ثَمَنًا وَيَصِفُهُ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ حَتَّى يَصِيرَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْخَبَّازِ، وَيُسَلِّمُ الْخَاتَمَ إلَيْهِ، ثُمَّ يَبِيعُ الْخَبَّازُ الْخَاتَمَ مِنْ صَاحِبِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ مِقْدَارَ مَا يُرِيدُ الدَّفْعَ وَيَدْفَعُ الْحِنْطَةَ، فَيَبْقَى لَهُ عَلَى الْخَبَّازِ الْخُبْزُ الَّذِي هُوَ بِمَنٍّ هَكَذَا قِيلَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عِنْدِي قَالُوا إذَا دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى خَبَّازٍ فَأَخَذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ فَكُلَّمَا أَخَذَ يَقُولُ هُوَ عَلَى مَا قَاطَعْتُك عَلَيْهِ اهـ مَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِشْكَالِ أَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي كُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا هُوَ عَلَى مَا قَاطَعْتُك عَلَيْهِ لِيَكُونَ بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا عَلَى شَيْءٍ مُتَعَيِّنٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخُبْزَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، وَرَأَيْت مَعْزِيًّا إلَى خَطِّ الْمَقْدِسِيَّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ: يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْخُبْزَ هُنَا ثَمَنٌ بِخِلَافِ الَّتِي قِسْت عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ اهـ

أَقُولُ: بَيَانُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ، وَلِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَعْدُومِ إلَّا بِشُرُوطِ السَّلَمِ، بِخِلَافِ الثَّمَنِ، فَإِنَّهُ وَصْفٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَلِذَا صَحَّ الْبَيْعُ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الذِّمَّةِ وَصْفٌ يُطَابِقُهُ الثَّمَنُ لَا عَيْنُ الثَّمَنِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ السَّلَمِ عَلَى أَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهَا لَا يَلْزَمُ فِيهَا قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا وَسَكَتَ يَنْعَقِدُ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي. نَعَمْ لَوْ قَالَ حِينَ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ اشْتَرَيْت مِنْك كَذَا مِنْ الْخُبْزِ وَصَارَ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ الْخُبْزِ يَكُونُ فَاسِدًا وَالْأَكْلُ مَكْرُوهٌ، لِأَنَّهُ اشْتَرَى خُبْزًا غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهِ، فَكَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَوَّلَ الْبُيُوعِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الِاسْتِجْرَارِ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَدَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) هَذَا مَوْجُودٌ فِي عِبَارَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَمَنْ نَفَى وُجُودَهُ فِيهَا فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِفْتَاءِ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِفْتَاءِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ الْآتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>