وَسَيَجِيءُ جَوَازُ اسْتِقْرَاضِهِ أَيْضًا.
(وَ) جَازَ بَيْعُ (اللَّبَنِ بِالْجُبْنِ) لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ وَالِاسْمِ حَاوِيٌّ (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الْبُرِّ بِدَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ) هُوَ الْمَجْرُوشُ وَلَا بَيْعُ دَقِيقٍ بِسَوِيقٍ (مُطْلَقًا) وَلَوْ مُتَسَاوِيًا لِعَدَمِ الْمُسَوَّى فَيَحْرُمُ لِشُبْهَةِ الرِّبَا خِلَافًا لَهُمَا وَأَمَّا بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا ابْنُ مَالِكٍ كَبَيْعِ سَوِيقٍ بِسَوِيقٍ وَحِنْطَةٍ مَقْلِيَّةٍ بِمَقْلِيَّةٍ وَأَمَّا الْمَقْلِيَّةُ بِغَيْرِهَا فَفَاسِدٌ كَمَا مَرَّ (وَ) لَا (الزَّيْتُونِ بِزَيْتٍ وَالسِّمْسِمِ بِخَلٍّ) بِمُهْمَلَةٍ الشَّيْرَجُ (حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالْخَلُّ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ) لِيَكُونَ قَدْرُهُ بِمِثْلِهِ وَالزَّائِدُ بِالثُّفْلِ، وَكَذَا كُلُّ مَا لِثُفْلِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزٍ بِدُهْنِهِ وَلَبَنٍ بِسَمْنِهِ وَعِنَبٍ بِعَصِيرِهِ فَإِنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ كَبَيْعِ تُرَابٍ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ فَسَدَ بِالزِّيَادَةِ لِرِبَا الْفَضْلِ.
ــ
[رد المحتار]
فِي اسْتِقْرَاضِهِ عَدَدًا (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا مَتْنًا.
(قَوْلُهُ بِدَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ) أَيْ دَقِيقِ الْبُرِّ أَوْ سَوِيقِهِ بِخِلَافِ دَقِيقِ الشَّعِيرِ أَوْ سَوِيقِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمَجْرُوشُ) أَيْ الْخَشِنُ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ السَّوِيقُ دَقِيقُ الْبُرِّ الْمَقْلِيُّ وَلَعَلَّهُ يُجْرَشُ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعِ دَقِيقٍ بِسَوِيقٍ) أَيْ كِلَاهُمَا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَسَاوِيًا) تَفْسِيرٌ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُسَوَّى) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَصْلُ فِيهِ: أَنَّ شُبْهَةَ الرِّبَا وَشُبْهَةَ الْجِنْسِيَّةِ مُلْتَحِقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فِي بَابِ الرِّبَا احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ جِنْسٌ وَاحِدٌ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ، وَالْمُخَلِّصُ أَيْ عَنْ الرِّبَا هُوَ التَّسَاوِي فِي الْكَيْلِ، وَأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ لِانْكِبَاسِ الدَّقِيقِ فِي الْمِكْيَالِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَإِذَا عُدِمَ الْمُخَلِّصُ حَرُمَ الْبَيْعُ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) هَذَا الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الزَّيْلَعِيِّ، فَأَجَازَاهُ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ، لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْمَقْصُودِ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً لِأَنَّ الْقَدْرَ يَجْمَعُهُمَا ط وَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَمَنَعَ اتِّفَاقًا أَنْ يُبَاعَ الْبُرُّ بِأَجْزَائِهِ كَدَقِيقٍ وَسَوِيقٍ وَنُخَالَةٍ وَالدَّقِيقُ بِالسَّوِيقِ مَمْنُوعٌ عِنْدَهُ مُطْلَقًا وَجَوَّزَاهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا) نَصَبَ مُتَسَاوِيًا عَلَى الْحَالِ، وَكَيْلًا عَلَى التَّمْيِيزِ، وَهُوَ تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مِثْلُ تَصَبَّبَ عَرَقًا وَالْأَصْلُ مُتَسَاوِيًا كَيْلُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ) لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى ابْنِ الْفَضْلِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ حَسَنٌ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي بَيْعِهِ وَزْنًا رِوَايَتَانِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا رِوَايَةُ الْمَنْعِ، وَفِيهَا أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُ الدَّقِيقَيْنِ أَخْشَنَ أَوْ أَدَقَّ وَكَذَا بَيْعُ النُّخَالَةِ بِالنُّخَالَةِ وَبَيْعُ الدَّقِيقِ الْمَنْخُولِ بِغَيْرِ الْمَنْخُولِ لَا يَجُوزُ إلَّا مُمَاثِلًا وَبَيْعُ النُّخَالَةِ بِالدَّقِيقِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِأَنْ تَكُونَ النُّخَالَةُ الْخَالِصَةُ أَكْثَرَ مِنْ الَّتِي فِي الدَّقِيقِ.
(قَوْلُهُ وَحِنْطَةٍ مَقْلِيَّةٍ بِمَقْلِيَّةٍ) الْمَقْلِيُّ الَّذِي يُقْلَى عَلَى النَّارِ، وَهُوَ الْمُحَمَّصُ عُرْفًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ يَجُوزُ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا، وَقِيلَ: لَا وَعَلَيْهِ عَوَّلَ فِي الْمَبْسُوطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّارَ قَدْ تَأْخُذُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى اهـ (قَوْلُ فَفَاسِدٌ) أَيْ اتِّفَاقًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالسِّمْسِمِ) بِكَسْرِ السِّينَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا (قَوْلُهُ الشَّيْرَجُ) بِوَزْنِ جَعْفَرٍ (قَوْلُهُ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ إلَخْ) أَيْ بِطَرِيقِ الْعِلْمِ فَلَوْ جُهِلَ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ مُسَاوٍ لَا يَجُوزُ فَالِاحْتِمَالَاتُ أَرْبَعٌ، وَالْجَوَازُ فِي أَحَدِهِمَا فَتْحٌ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ هُنَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ نَظَائِرِهِ فِي بَابِ الصَّرْفِ اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ هَذَا الِاعْتِبَارِ خُصُوصًا مِنْ تَعْلِيلِ الزَّيْلَعِيِّ بِقَوْلِهِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بَيْنَهُمَا مَعْنًى بِاعْتِبَارِ مَا فِي ضِمْنِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا صُورَةً فَثَبَتَ بِذَلِكَ شُبْهَةُ الْمُجَانَسَةِ وَالرِّبَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ اهـ.
قُلْت: وَفِيهِ غَفْلَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ مَتْنًا مِنْ أَنَّ التَّقَابُضَ مُعْتَبَرٌ فِي الصَّرْفِ أَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعْيِينُ وَتَعْلِيلُ الزَّيْلَعِيِّ بِالْجِنْسِيَّةِ لِوُجُوبِ الِاعْتِبَارِ وَحُرْمَةِ التَّفَاضُلِ بِدُونِهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ بِالثُّفْلِ) بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَا اسْتَقَرَّ تَحْتَ الشَّيْءِ مِنْ كُدْرَةٍ قَامُوسٌ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ كَجَوْزٍ بِدُهْنِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَأَظُنُّ أَنْ لَا قِيمَةَ لِثُفْلِ الْجَوْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيعَ " بِقِشْرِهِ فَيُوقَدُ وَكَذَا الْعِنَبُ لَا قِيمَةَ لِثُفْلِهِ فَلَا تُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الْعَصِيرِ عَلَى مَا يَخْرُجُ اهـ (قَوْلُهُ فَسَدَ بِالزِّيَادَةِ) وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُسَاوَاةِ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ بِإِزَائِهِ شَيْءٌ مِنَحٌ ط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute