(وَلَا رُجُوعَ فِي دَعْوَى حَقٍّ مَجْهُولٍ مِنْ دَارٍ صُولِحَ عَلَى شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (وَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا) لِجَوَازِ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ (وَلَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّهَا رَدَّ كُلَّ الْعِوَضِ) لِدُخُولِ الْمُدَّعِي فِي الْمُسْتَحَقِّ (وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا (صِحَّةُ الصُّلْحِ عَنْ مَجْهُولٍ) عَلَى مَعْلُومٍ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ (وَ) الثَّانِي (عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّتِهِ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ لَمْ يُقْبَلْ مَا لَمْ يَدَّعِ إقْرَارَهُ بِهِ (وَرَجَعَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِحِصَّتِهِ) فِي دَعْوَى كُلِّهَا إنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا لِفَوَاتِ سَلَامَةِ الْمُبْدَلِ قَيَّدَ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَدْرًا مَعْلُومًا كَرُبْعِهَا لَمْ يَرْجِعْ مَا دَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ رَجَعَ بِحِسَابِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ.
[فَرْعٌ] : لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِالدِّينَارِ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِي مَعْنَى الصَّرْفِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْبَدَلُ بَطَلَ الصُّلْحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ دُرَرٌ وَفِيهَا فُرُوعٌ أُخَرُ فَلْتُنْظَرْ، وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ مُهِمَّةٌ مِنْهَا:
لَوْ مُسْتَحَقًّا ظَهَرَ الْمَبِيعُ ... لَهُ عَلَى بَائِعِهِ الرُّجُوعُ
بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ قَدْ دَفَعَا ... إلَّا إذَا الْبَائِعُ هَاهُنَا ادَّعَى
بِأَنَّهُ كَانَ قَدِيمًا اشْتَرَى ... ذَلِكَ مِنْ ذَا الْمُشْتَرِي بِلَا مِرَا
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ كَمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُ الدَّارِ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُ الدَّارِ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَلِ عَلَى الْمُدَّعِي لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ قَلَّ دُرَرٌ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ إلَّا ذِرَاعًا مِنْهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى سَهْمٍ شَائِعٍ كَرُبْعٍ أَوْ نِصْفٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَدَّعِ سَهْمًا مِنْهَا لِأَنَّ دَعْوَى حَقٍّ مَجْهُولٍ تَشْمَلُ السَّهْمَ وَالْجُزْءَ. نَعَمْ: لَوْ ادَّعَى سَهْمًا شَائِعًا يَكُونُ اسْتِحْقَاقُ الرُّبْعِ مَثَلًا وَارِدًا عَلَى رُبْعِ ذَلِكَ السَّهْمِ أَيْضًا فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِرُبْعِ بَدَلِ الصُّلْحِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ لِدُخُولِ الْمُدَّعَى فِي الْمُسْتَحَقِّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فِيهِمَا قَالَ فِي الدُّرَرِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ) لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ سَاقِطٌ، فَهُوَ مِثْلُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا لِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ عِوَضِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبَ التَّسْلِيمِ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ لِصِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى بِهِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ عَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ إقْرَارَهُ بِهِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ وَبَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ يُقْبَلُ أَيْ وَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى الْبَيَانِ كَمَا نَقَلَهُ ط عَنْ نُوحٍ (قَوْلُهُ بِحِصَّتِهِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ شَيْءٌ مِنْهَا لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَيْهِ ط (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ سَلَامَةِ الْمُبْدَلِ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُصَالَحِ قَالَ فِي الدُّرَرِ: لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيُرَدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى سَهْمٍ شَائِعٍ أَيْضًا كَرُبْعِهَا أَوْ نِصْفِهَا أَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ جَزْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْهَا كَذِرَاعٍ مَثَلًا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَالصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى رُبْعِهَا يَدْخُلُ فِيهِ رُبْعُ ذَلِكَ الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ) بِأَنْ ادَّعَى الرُّبْعَ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا الثُّمُنَ فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الثُّمُنِ الْمُسْتَحَقِّ ط.
(قَوْلُهُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ) أَيْ بِأَصْلِ الْمُدَّعِي وَهُوَ الدَّنَانِيرُ ط (قَوْلُهُ وَفِيهَا فُرُوعٌ أُخَرُ فَلْتَنْظُرْ) مِنْهَا اسْتِحْقَاقُ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَسَيَأْتِي وَمِنْهَا مَسَائِلُ أُخَرُ تَقَدَّمَتْ فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا الْبَائِعُ هَاهُنَا ادَّعَى إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ فَهُوَ أَيْضًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَزَّازِيَّةٌ. لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اتَّحَدَ الثَّمَنُ فَلَوْ زَادَ فَلَهُ الرُّجُوعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute