لَوْ اشْتَرَى خَرَابَةً وَأَنْفَقَا ... شَيْئًا عَلَى تَعْمِيرِهَا وَطَفِقَا
ذَاكَ يُسَوِّي بَعْدَهَا آكَامَهَا ... ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ تَمَامَهَا
فَالْمُشْتَرِي فِي ذَاكَ لَيْسَ رَاجِعًا ... عَلَى الَّذِي غَدَا لِتِلْكَ بَائِعًا
وَلَا عَلَى ذَا الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقَا ... بِذَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا أَنْفَقَا
وَإِنْ مَبِيعٌ مُسْتَحَقًّا ظَهَرَا ... ثُمَّ قَضَى الْقَاضِي عَلَى مَنْ اشْتَرَى
بِهِ فَصَالَحَ الَّذِي ادَّعَاهُ ... صُلْحًا عَلَى شَيْءٍ لَهُ أَدَّاهُ
يَرْجِعُ فِي ذَاكَ بِكُلِّ الثَّمَنِ ... عَلَى الَّذِي قَدْ بَاعَهُ فَاسْتَبِنِ
وَفِي الْمُنْيَةِ شَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا فَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا عَلَى الْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ كَمَا قَالَهُ ط وَكَذَا لَوْ ادَّعَى إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنِّي وَهِيَ حِيلَةٌ لَا مِنْ الْبَائِعِ غَائِلَةُ الرَّدِّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبَيَانُهَا أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بَائِعِي قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنِّي اشْتَرَاهُ مِنِّي فَحِينَئِذٍ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِمَا قُلْنَا أَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَرْجِعُ بِالثَّمَنِ إنْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَظَهَرَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَا يَعْمَلُ مَا قَالَهُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَطَفِقَا ذَاكَ) أَيْ شَرَعَ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ آكَامِهَا) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَكَمَةٍ مُحَرَّكَةٌ التَّلُّ (قَوْلُهُ تَمَامَهَا) أَيْ الْخَرَابَةِ وَمَا بَنَاهُ فِيهَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) لَمْ يَظْهَرْ لِي الْمُرَادُ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِذَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا أَنْفَقَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَاجِعًا الْمُقَدَّرُ فِي الْمَعْطُوفِ أَوْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا الشَّرْطَ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِمَا أَنْفَقَ، وَلَا بِالثَّمَنِ أَمَّا عَلَى الْبَائِعِ فَلَا رُجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ فَقَطْ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِمَا أَنْفَقَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ بَنَى فِيهَا أَوْ أُجْرَةُ التَّسْوِيَةِ وَنَحْوُهَا كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا يَأْتِي.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إذَا صَارَ الْمَبِيعُ بِحَالٍ لَوْ كَانَ غَصْبًا لَمَلَكَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ قَمِيصًا فَاسْتُحِقَّ الْقَمِيصُ أَوْ طَحَنَ الْبُرَّ فَاسْتُحِقَّ الدَّقِيقُ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ مَا قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ هَلْ يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا أَمْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ؟ وَالرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ: أَفْتَى الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ بِالثَّانِي، وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا إمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَتُقَيَّدُ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا كَانَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَقَلَّ وَإِلَّا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ وَارِدًا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ بِلَا رُجُوعٍ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ أَصْلًا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُضِيَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَصَالَحَ عَائِدٌ عَلَى مَنْ اشْتَرَى وَاَلَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ مَفْعُولُ صَالَحَ وَصُلْحًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَضَمِيرٌ لَهُ عَائِدٌ عَلَى الَّذِي (قَوْلُهُ يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ صَارَ شَارِيًا لِلْمَبِيعِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ شَرَى دَارًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مُعَلَّلًا بِتَحَقُّقِ الْغُرُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَنَى فِيهَا) أَيْ مِنْ مَالِهِ فَلَوْ بَنَى بِنَقْضِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَتِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا بِمَا أَنْفَقَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ الدَّارُ وَحْدَهَا دُونَ مَا بَنَاهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا) أَيْ يُقَوَّمُ مَبْنِيًّا فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَا مَقْلُوعًا وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ مِنْ طِينٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِأُجْرَةِ الْبَانِي وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ) ثُمَّ هَذَا الْبَائِعُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ لَا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ إذَا سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَا كَلَّفَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْهَدْمَ فَهَدَمَهُ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ، ثُمَّ سُلِّمَ نَقْضُهُ إلَى الْبَائِعِ وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ الْبِنَاءَ قَائِمًا فَهَدَمَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute