يَوْمَ تَسْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَبِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بِجَمِيعِ بِنَائِهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَتَى وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَثَلًا حَفَرَ بِئْرًا أَوْ نَقَّى الْبَلُّوعَةَ أَوْ رَمَّ مِنْ الدَّارِ شَيْئًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ لَا بِالنَّفَقَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَرَابَةِ حَتَّى لَوْ كُتِبَ فِي الصَّكِّ فَمَا أَنْفَقَ الْمُشْتَرِي فِيهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ رَمَّ فِيهَا مِنْ مَرَمَّةٍ فَعَلَى الْبَائِعِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَوَاهَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الطَّيِّ لَا بِقِيمَةِ الْحَفْرِ فَلَوْ شَرَطَاهُ فَسَدَ وَكَذَا لَوْ حَفَرَ سَاقِيَةً إنْ قَنْطَرَ عَلَيْهَا رَجَعَ بِقِيمَةِ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ لَا بِنَفَقَةِ حَفْرِ السَّاقِيَةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا بَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ جِصٍّ وَطِينٍ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَعَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى عَامَّةِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ يَوْمَ تَسْلِيمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَةٍ فَلَوْ سَكَنَ فِيهِ وَانْهَدَمَ بَعْضُهُ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ كَمَا بَسَطَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَنَقَلْنَاهُ فِي آخِرِ الْمُرَابَحَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَبِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَهُ إمْسَاكُ النَّقْضِ وَالرُّجُوعُ بِنُقْصَانِهِ أَيْضًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بِجَمِيعِ بِنَائِهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخَرَابَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْبِنَاءُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّ الْكُلُّ لَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْبَائِعِ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ إلَخْ) أَيْ حُكْمَ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ: أَيْ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي لَا بِالنَّفَقَةِ أَيْ لَا بِمَا أَنْفَقَهُ وَهُوَ هُنَا أُجْرَةُ الْحَفْرِ وَالتَّرْمِيمِ بِطِينٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْتَحَقَّ لِجِهَةِ وَقْفٍ أَوْ مِلْكٍ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ آخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ تُوهِمُ خِلَافَهُ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَرَابَةِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي النَّظْمِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ، لِقَوْلِهِ لَا بِالنَّفَقَةِ إنْ كَانَ لَمْ يَبْنِ فِي الْخَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ بَنَى فِيهَا فَهُوَ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ إلَخْ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كُتِبَ فِي الصَّكِّ) أَيْ صَكِّ عَقْدِ الْبَيْعِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا بِالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْبَائِعِ) أَيْ إذَا ظَهَرَتْ مُسْتَحِقَّةً ط (قَوْلُهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ ط (وَقَوْلُهُ وَطَوَاهَا) أَيْ بَنَاهَا بِحَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ (قَوْلُهُ لَا بِقِيمَةِ الْحَفْرِ) كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ التَّعْبِيرُ بِنَفَقَةِ الْحَفْرِ لِأَنَّ الْحَفْرَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَاهُ) أَيْ الرُّجُوعَ بِنَفَقَةِ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ بِالْجُمْلَةِ) أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ مُشْتَمِلًا عَلَى جُمْلَةِ مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ فَلَوْ عَلِمَ لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ مُغْتَرٌّ لَا مَغْرُورٌ بَزَّازِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا مَبْنِيَّةً وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا بَنَيْتهَا فَأَرْجِعُ عَلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، لِأَنَّهُ مُنْكِرُ حَقِّ الرُّجُوعِ، وَلَوْ أَخَذَ دَارًا بِشُفْعَةٍ فَبَنَى ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ لَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِرَأْيِهِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ لَوْ أَضَرَّ الزَّرْعَ بِالْأَرْضِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَهُ لِلنُّقْصَانِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ.
[تَنْبِيهٌ] نَظَمَ فِي الْمُحِبِّيَّةِ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَعَزَاهَا شَارِحُهَا سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيُّ إلَى جَامِعِ الْفَتَاوَى وَهِيَ رَجُلٌ اشْتَرَى كَرْمًا فَقَبَضَهُ، وَتَصَرَّفَ فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ وَبَرْهَنَ وَأَخَذَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ طَلَبَ الْغَلَّةَ الَّتِي أَتْلَفَهَا الْمُشْتَرِي هَلْ يَجُوزُ رَدُّهُ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ فِيهِ يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْكَرْمِ مِنْ قَطْعِ الْكَرْمِ وَإِصْلَاحِ السَّوَّاقِي وَبُنْيَانِ الْحِيطَانِ وَمَرَمَّتِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي اهـ وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ إلَى جَامِعِ الْفَتَاوَى، وَقَالَ بِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ وَأَيْضًا أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ نَقْلًا عَنْ التَّوْفِيقِ كَمَا فِي صُورَةِ الْمَسَائِلِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَنَقَلَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوَاهُ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute