لِضَرَرِ التَّمْيِيزِ (وَإِنْ كَانَ الْخَالِصُ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْمَغْشُوشِ (أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لَا يُدْرَى فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلرِّبَا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِاحْتِمَالِهِ فِي الثَّالِثِ (وَهُوَ) أَيْ الْغَالِبُ الْغِشِّ (لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إنْ رَاجَ) لِثَمَنِيَّتِهِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) يَرُجْ (تَعَيَّنَ بِهِ) كَسِلْعَةٍ وَإِنْ قَبِلَهُ الْبَعْضُ فَكَزُيُوفٍ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِهِ زَيْفًا إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَبِجِنْسِهِ جَيِّدٌ.
(وَ) صَحَّ (الْمُبَايَعَةُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِمَا يَرُوجُ مِنْهُ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، فَإِنْ رَاجَ (وَزْنًا) فِيهِ (أَوْ عَدَدًا) فِيهِ (أَوْ بِهِمَا) فَبِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَالْمُتَسَاوِي) غِشُّهُ وَفِضَّتُهُ وَذَهَبُهُ (كَالْغَالِبِ الْفِضَّةِ) وَالذَّهَبِ (فِي تَبَايُعٍ وَاسْتِقْرَاضٍ) فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِالْوَزْنِ إلَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهِمَا -
ــ
[رد المحتار]
أَيْ صُورَةِ بَيْعِهِ بِالْخَالِصِ وَصُورَةِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِضَرَرِ التَّمْيِيزِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي الْبَعْضِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْغِشِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ إلَّا بِضَرَرٍ اهـ. فَالْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ الْغِشِّ، فَاشْتِرَاطُ قَبْضِهِ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْ الْخَالِصِ الَّذِي فِيهِ الْمَشْرُوطُ قَبْضُهُ لِذَاتِهِ، لَا يُقَالُ: إنَّ النُّحَاسَ الَّذِي هُوَ الْغِشُّ مَوْزُونٌ أَيْضًا فَقَدْ وُجِدَ فِيهِ الْقَدْرُ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ لِذَاتِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَزْنُ الدَّرَاهِمِ غَيْرُ وَزْنِ النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يَجْمَعْهُمَا قَدْرٌ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ الْقُطْنِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوزَنُ إلَّا إذَا كَانَ ثَمَنُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَقْبُوضًا فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغِشَّ لَوْ كَانَ فِضَّةً فِي ذَهَبٍ فَالشَّرْطُ قَبْضُ الْكُلِّ لِذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي الْكُلِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْخَالِصُ مِثْلَهُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ لَا يُدْرَى، فَيَصِحُّ فِي الْأُولَى فَقَطْ دُونَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ السَّيْفِ مَعَ حِلْيَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مِثْلَ الْمَغْشُوشِ) أَيْ الَّذِي اخْتَلَطَ بِالْغِشِّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ) أَيْ لَا فِي الْفِضَّةِ وَلَا فِي النُّحَاسِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَا تَتَخَلَّصُ الْفِضَّةُ إلَّا بِضَرَرٍ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: لِلرِّبَا فِي الْأَوَّلَيْنِ) بِزِيَادَةِ الْغِشِّ فِي الْأَوَّلِ وَزِيَادَتِهِ مَعَ بَعْضِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فِي الثَّانِي ط. (قَوْلُهُ: وَلِاحْتِمَالِهِ فِي الثَّالِثِ) وَلِلشُّبْهَةِ فِي الرِّبَا حُكْمُ الْحَقِيقَةِ ط. (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ) فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَدْفَعَ غَيْرَهَا مِثْلَهُ. (قَوْلُهُ: لِثَمَنِيَّتِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا كَانَ رَائِجًا؛ لِأَنَّهُ بِالِاصْطِلَاحِ صَارَ أَثْمَانًا، فَمَا دَامَ ذَلِكَ الِاصْطِلَاحُ مَوْجُودًا لَا تَبْطُلُ الثَّمَنِيَّةُ لِقِيَامِ الْمُقْتَضِي بَحْرٌ، فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ بِهِ) أَيْ بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي الْأَصْلِ سِلْعَةٌ وَإِنَّمَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالِاصْطِلَاحِ، فَإِذَا تَرَكُوا الْمُعَامَلَةَ بِهَا رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا بَحْرٌ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، هَذَا إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ بِحَالِهَا وَيَعْلَمُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ، فَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا أَوْ يَعْلَمَانِ وَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ الرَّائِجَةِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَا بِالْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا تَرُوجُ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِحَالِهِ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَأَدْرَجَ نَفْسَهُ فِي الْبَعْضِ الَّذِينَ يَقْلِبُونَهَا فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِحَالِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بَاعَهُ بِهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا جِيَادٌ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْجِيَادِ لِعَدَمِ الرِّضَا بِهَا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: بِمَا يَرُوجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ. (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْعُرْفِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَبِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اعْتِبَارَ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فَالْبَيْعُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِالْوَزْنِ. (قَوْلُهُ: وَذَهَبُهُ) الْأَوْلَى عَطْفُهُ بِأَوْ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِالْوَزْنِ) بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ فِيهَا مَوْجُودَةٌ حَقِيقَةً وَلَمْ تَصِرْ مَغْلُوبَةً فَيَجِبُ الِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ شَرْعًا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْمُتَسَاوِي وَغَالِبِ الْفِضَّةِ أَيْ فِي الْمُبَايَعَةِ فَيَكُونُ بَيَانًا لِقَدْرِهِمَا وَوَصْفِهَا وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيُعْطِهِ مِثْلَهَا لِكَوْنِهَا ثَمَنًا لَمْ تَتَعَيَّنْ بَحْرٌ، وَأَفَادَ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute