كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَ) أَمَّا (فِي الصَّرْفِ) فَ (كَغَالِبِ غِشٍّ) فَيَصِحُّ بِالِاعْتِبَارِ الْمَارِّ (اشْتَرَى شَيْئًا بِهِ) بِغَالِبِ الْغِشِّ وَهُوَ نَافِقٌ (أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ فَكَسَدَ) ذَلِكَ (قَبْلَ التَّسْلِيمِ) لِلْبَائِعِ (بَطَلَ الْبَيْعُ، كَمَا لَوْ انْقَطَعَتْ) عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ كَالْكَسَادِ، وَكَذَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ لَوْ كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ بَطَلَ وَصَحَّحَاهُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَبِهِ يُفْتَى رِفْقًا بِالنَّاسِ بَحْرٌ وَحَقَائِقُ.
(وَحَدُّ الْكَسَادِ) (أَنْ تُتْرَكَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ) فَلَوْ رَاجَتْ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَبْطُلْ -
ــ
[رد المحتار]
فِي الِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ إلَّا وَزْنًا وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَى الدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ مِنْ الْغِشِّ، وَعِبَارَةُ النَّهْرِ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَى الْجِيَادِ اهـ أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْهَا بِلَا وَزْنٍ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ بِالِاعْتِبَارِ الْمَارِّ) أَيْ إذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا بِصَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ: أَيْ بِأَنْ يَصْرِفَ مَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْغِشِّ إلَى مَا فِي الْآخَرِ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الْغَالِبِ غِشُّهُ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ التَّفَاضُلِ هُنَا أَيْضًا، لَكِنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَفِي الْخَانِيَّةِ إنْ كَانَ نِصْفُهَا صُفْرًا وَنِصْفُهَا فِضَّةً لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ هُنَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ فِضَّتَهَا لَمَّا لَمْ تَصِرْ مَغْلُوبَةً جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا فِضَّةً فِي حَقِّ الصَّرْفِ احْتِيَاطًا اهـ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ. وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ تَأَمَّلْ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ بَاعَهَا بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ لَا يَجُوزُ حَتَّى تَكُونَ الْخَالِصَةُ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا غَلَبَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُمَا، فَصَارَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ فِضَّةٍ وَقِطْعَةِ نُحَاسٍ فَبَاعَهُمَا بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِفِضَّةٍ فَقَطْ اهـ وَقَوْلُهُ لَا غَلَبَةَ لِأَحَدِهِمَا أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْ الْغِشِّ وَالْفِضَّةِ وَاَلَّتِي فِيهِ الْمُسَاوِيَةِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ نَافِقٌ) أَيْ رَائِجٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ. (قَوْلُهُ: فَكَسَدَ) مِنْ بَابِ قَتَلَ أَيْ لَمْ يُنْفَقْ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ إفْرَادَ الضَّمِيرِ فِي كَسَدَ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَالْأَوْلَى فِيهِ الْإِفْرَادُ ط. (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِلْبَائِعِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَهَا وَلَوْ فُضُولِيًّا فِيهِ فَكَسَدَتْ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ لَهُ نَهْرٌ، وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. وَفِي النَّهْرِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ نَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ دُونَ بَعْضٍ فَسَدَ فِي الْبَاقِي.
(قَوْلُهُ: بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُهُ كَمَا يَأْتِي مَعَ مَا فِيهِ، وَوَجْهُ بُطْلَانِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الثَّمَنَ يَهْلَكُ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنِيَّةَ بِالِاصْطِلَاحِ وَلَمْ يَبْقَ فَبَقِيَ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ فَيَبْطُلُ، فَإِذَا بَطَلَ يَجِبُ رَدُّ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ هَالِكًا كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ كَالْكَسَادِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: لَوْ انْقَطَعَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ انْقَطَعَ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: الِانْقِطَاعُ كَالْكَسَادِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ رَمْلِيٌّ عَنْ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ: أَيْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهَا الْغِشُّ، فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَالِبِ الْغِشِّ وَالْفُلُوسِ لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ فِيهِمَا دُونَ الْجَيِّدَةِ تَأَمَّلْ اهـ مُلَخَّصًا. قُلْت: لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِي كَسَادِ غَالِبِ الْغِشِّ وَالْفُلُوسِ مُعَلَّلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِيَّةِ فَبَقِيَ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجِيَادَ لَا تَبْطُلُ ثَمَنِيَّتُهَا بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّ ثَمَنِيَّتَهَا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَا بِالْإِصْلَاحِ، فَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهِ عِنْدَهُ بِكَسَادِ الْجِيَادِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْبَحْرِ بِالدَّرَاهِمِ غَالِبَةُ الْغِشِّ، لَكِنَّهُ مُكَرَّرٌ بِمَا فِي الْمَتْنِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ قَالَ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثَّمَنَ يَهْلَكُ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْفُلُوسِ وَالدَّرَاهِمِ الْغَالِبَةِ الْغِشُّ بِالِاصْطِلَاحِ لَا بِالْخِلْقَةِ، بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ فَإِنَّ مَالِيَّتَهَا بِالْخِلْقَةِ لَا بِالِاصْطِلَاحِ اهـ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا فِي النَّقْدِ الْخَالِصِ وَالْمَغْشُوشَةُ الَّتِي غَلَبَتْ فِضَّتُهَا تُخَالِفُهُ، لَكِنْ قَدْ مَرَّ أَنَّهَا كَالْخَالِصَةِ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ قَلَّمَا تَنْطَبِعُ إلَّا بِقَلِيلِ غِشٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا قُلْنَا أَوَّلًا فَتَأَمَّلْ، وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِثَمَنٍ حَالٍّ مُؤَجَّلٍ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَاهُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ) صَوَابُهُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ سَائِحَانِيٌّ أَوْ بِقِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute