الْبَيْعُ) لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لَهُ عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ.
(وَصَحَّ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ) وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ كَالدَّرَاهِمِ (وَبِالْكَاسِدَةِ لَا حَتَّى بِعَيْنِهَا) كَسِلَعٍ (وَيَجِبُ) عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ (رَدُّ) مِثْلِ (أَفْلُسِ الْقَرْضِ وَإِذَا كَسَدَتْ) وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْكَسَادِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ -
ــ
[رد المحتار]
الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِالْإِذْنِ أَوْ لَا؛ وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ قَيَّدْنَا بِعَدَمِ قَبْضِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَهَا وَلَوْ فُضُولِيًّا فَكَسَدَتْ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ. (قَوْلُهُ: عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ) اعْتِرَاضٌ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْفَتْحِ وَالْعَيْنِيِّ وَالْخُلَاصَةِ دَلَّالٌ بَاعَ مَتَاعَ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ. قُلْت: لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. وَلَفْظُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ: دَلَّالٌ بَاعَ مَتَاعَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَخْ نَعَمْ الَّذِي فِي الْعَيْنِيِّ وَالْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَكَذَا فِي مَتْنِ الْمُصَنِّفِ مُصْلِحًا بِإِذْنِهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ، وَلِقَوْلِهِ: لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لَهُ وَعَلَى مَا فِي الْفَتْحِ يَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَالِكَ أَجَازَ الْبَيْعَ لِيُنَاسِبَ مَا ذَكَرَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ) لِأَنَّهَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالِاصْطِلَاحِ فَجَازَ بِهَا الْبَيْعُ وَوَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ كَالنَّقْدَيْنِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ وَإِنْ عَيَّنَهَا كَالنَّقْدِ إلَّا إذَا قَالَا أَرَدْنَا تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِعَيْنِهَا فَحِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ فَلْسًا بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ بِلَا تَصْرِيحٍ لِئَلَّا يَفْسُدَ الْبَيْعُ بَحْرٌ، وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُعَيِّنَهَا) لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْمَبِيعُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيَّنَ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: كَسِلَعٍ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهَا سِلَعٌ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: السِّلْعَةُ الْبِضَاعَةُ جَمْعُهَا سِلَعٌ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٍ. (قَوْلُهُ: رَدُّ مِثْلِ أَفْلُسِ الْقَرْضِ إذَا كَسَدَتْ) أَيْ رَدُّ مِثْلِهَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَحْرٌ، وَأَمَّا إذَا اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ غَالِبَةَ الْغِشِّ، فَكَذَلِكَ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَلَسْت أَرْوِي ذَلِكَ عَنْهُ، وَلَكِنْ لِرِوَايَتِهِ فِي الْفُلُوسِ فَتْحٌ، قَالَ مُحَشِّي مِسْكَيْنِ: وَانْظُرْ حُكْمَ مَا إذَا اقْتَرَضَ مِنْ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ أَوْ غَالِبَةٍ أَوْ مُسَاوِيَةٍ لِلْغِشِّ ثُمَّ كَسَدَتْ هَلْ هُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ: أَيْ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ أَوْ يَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ بِالِاتِّفَاقِ اهـ. قُلْت: وَيَظْهَرُ لِي الثَّانِي لِمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، وَلِمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِانْقِطَاعَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي غَالِبِ الْغِشِّ تَأَمَّلْ، وَفِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ أَنَّ تَقْيِيدَ الِاخْتِلَافِ فِي رَدِّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ بِالْكَسَادِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ وَجَبَ رَدُّ الْمِثْلِ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِغَالِبِ الْغِشِّ أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ اهـ. قُلْت: لَكِنْ قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثَانِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَسَادِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْكَسَادِ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَوْمَ الْقَبْضِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةٌ، وَمُوجِبُهُ رَدُّ الْعَيْنِ مَعْنًى وَالثَّمَنِيَّةُ فَضْلٌ فِيهِ. وَلَهُمَا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ أَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ وَصْفُ الثَّمَنِيَّةِ تَعَذَّرَ رَدُّهَا كَمَا قَبَضَ فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهَا، كَمَا إذَا اسْتَقْرَضَ مِثْلِيًّا فَانْقَطَعَ اهـ، وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا هَلَكَتْ ثُمَّ كَسَدَتْ أَمَّا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَيْنَهَا اتِّفَاقًا اهـ، وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ. قُلْت: وَمُفَادُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى رِفْقًا بِالنَّاسِ بَحْرٌ. وَفِي الْفَتْحِ: وَقَوْلُهُمَا اُنْظُرْ لِلْمُقْرِضِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِي رَدِّ الْمِثْلِ إضْرَارًا بِهِ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اُنْظُرْ لَهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَرْضِ أَكْثَرُ مِنْهَا يَوْمَ الِانْقِطَاعِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ اُنْظُرْ لِلْمُسْتَقْرِضِ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute