وَفِي النَّهْرِ وَتَأْخِيرُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ دَلِيلُهُمَا ظَاهِرٌ فِي اخْتِيَارِ قَوْلِهِمَا.
(اشْتَرَى) شَيْئًا (بِنِصْفِ دِرْهَمِ) مِثْلًا (فُلُوسٍ صَحَّ) بِلَا بَيَانِ عَدَدِهَا لِلْعِلْمِ بِهِ (وَعَلَيْهِ فُلُوسٌ تُبَاعُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَكَذَا بِثُلُثِ دِرْهَمٍ أَوْ رُبُعِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمِ فُلُوسٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فُلُوسٍ جَازَ) عِنْدَ الثَّانِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلْعُرْفِ كَافِي.
(وَمَنْ أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا) كَبِيرًا (فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمٍ فُلُوسًا) بِالنَّصْبِ صِفَةُ نِصْفٍ (وَنِصْفًا) مِنْ الْفِضَّةِ صَغِيرًا (إلَّا حَبَّةً صَحَّ) وَيَكُونُ النِّصْفُ إلَّا حَبَّةً بِمِثْلِهِ وَمَا بَقِيَ بِالْفُلُوسِ، وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ نِصْفٍ بَطَلَ فِي الْكُلِّ لِلُزُومِ الرِّبَا.
ــ
[رد المحتار]
أَيْسَرُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ مَعْلُومَةٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا وَيَوْمَ الِانْقِطَاعِ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ فَكَانَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرَ فِي ذَلِكَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْكَفَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي النَّهْرِ إلَخْ) أَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: فِي اخْتِيَارِ قَوْلِهِمَا) أَيْ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: اشْتَرَى بِنِصْفِ دِرْهَمِ فُلُوسٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي دِرْهَمٍ عَدَمُ التَّنْوِينِ مُضَافًا إلَى فُلُوسٍ عَلَى مَعْنَى مِنْ كَإِضَافَةِ خَاتِمِ حَدِيدٍ، وَالتَّنْوِينُ مَعَ رَفْعِ فُلُوسٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ هُوَ فُلُوسٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فُلُوسٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُضَافًا وَجَبَ حَذْفُ نُونِ التَّثْنِيَةِ أَوْ جَرِّ فُلُوسٍ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ. (قَوْلُهُ: مَثْلًا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَكَذَا بِثُلُثِ دِرْهَمٍ أَوْ رُبُعِهِ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ دِرْهَمٍ فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمِ فُلُوسٍ إلَخْ ط. قُلْت: وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ لَفْظَ دِينَارٍ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ زُفَرَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ وَهِيَ تُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ لَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّانَقِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ فَذِكْرُهُ لَا يُغْنِي عَنْ الْعَدِّ فَبَقِيَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ فُلُوسٌ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُبَاعُ بِهِ مِنْ الْفُلُوسِ وَهُوَ مَعْلُومٌ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ فَلَمْ تَلْزَمْ جَهَالَةُ الثَّمَنِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: جَازَ عِنْدَ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمِ فُلُوسٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فُلُوسٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ الْعُرْفِ. وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي الْكُلِّ لِلْعُرْفِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُجْتَبَى اهـ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ صِفَةُ نِصْفٍ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ النَّهْرَ، وَفِيهِ أَنَّ فُلُوسًا اسْمٌ جَامِدٌ غَيْرُ مُؤَوَّلٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ لِلْعَدَدِ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْفِضَّةِ صَغِيرًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا دِرْهَمًا صَغِيرًا يُسَاوِي نِصْفًا إلَّا حَبَّةً وَبِهِ تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ لِقَوْلِهِ كَبِيرًا وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ أَيْ مَا ضُرِبَ مِنْ الْفِضَّةِ عَلَى وَزْنِ نِصْفِ دِرْهَمٍ اهـ. قُلْت: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى وَزْنِ نِصْفِ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مَا يُضْرَبُ مِنْ أَنْصَافِ الدِّرْهَمِ أَوْ أَرْبَاعِهِ نَقْصُ مَجْمُوعِهَا عَنْ الدِّرْهَمِ الْكَامِلِ. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ) أَيْ مَبِيعًا بِمِثْلِهِ مِنْ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ نِصْفَ) بِأَنْ قَالَ اعْطِنِي بِنِصْفٍ فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ نِصْفًا إلَّا حَبَّةً، فَعِنْدَهُمَا جَازَ الْبَيْعُ فِي الْفُلُوسِ وَبَطَلَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ رِبًا: وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ وَالْفَسَادُ قَوِيٌّ مُقَارِنٌ لِلْعَقْدِ، وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ بِأَنْ قَالَ وَاعْطِنِي بِنِصْفِهِ نِصْفًا إلَّا حَبَّةً اخْتَصَّ الْفَسَادُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُمَا بَيْعَانِ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ. وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ صَحَّ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا، وَفِي صُورَةِ الشَّرْحِ فَسَدَ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُ، وَفِي الْفِضَّةِ فَقَطْ عِنْدَهُمَا، وَفِي الْأَخِيرَةِ جَازَ فِي الْفُلُوسِ فَقَطْ كَمَا فِي الْبَحْرِ: قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْقَبْضَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِلْعِلْمِ مِمَّا قَدَّمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute