فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَهَكَذَا. وَمِنْ حُكْمِهِمَا وُجُوبُ التَّسَاوِي عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ كَمَا تَقَرَّرَ.
[تَذْنِيبٌ فِي بَيْعِ الْعِينَةِ] وَيَأْتِي مَتْنًا فِي الْكَفَالَةِ، وَبَيْعِ التَّلْجِئَةِ وَيَأْتِي مَتْنًا فِي الْإِقْرَارِ، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَا عَقْدًا وَهُمَا لَا يُرِيدَانِهِ يُلْجَأُ إلَيْهِ لِخَوْفِ عَدُوٍّ وَهُوَ لَيْسَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ كَالْهَزْلِ كَمَا بَسَطْته فِي آخِرِ شَرْحِي عَلَى الْمَنَارِ
ــ
[رد المحتار]
بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ بِهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ السَّلَمِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ، قَوْلُهُ جَازَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، يُسْتَثْنَى مِنْهُ بَدَلُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْبُوضِ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حُكْمُ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالِاسْتِبْدَالُ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا فِي الصَّرْفِ، وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ: وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ نَحْوُ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ كَالثَّمَنِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ وَتَقُولُ هَكَذَا فِي عَكْسِ بَاقِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي الثَّمَنِ بِأَنْ تَقُولَ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهِ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ حُكْمِهِمَا) أَيْ حُكْمِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي بَابِ الرِّبَا.
(قَوْلُهُ: تَذْنِيبٌ) شَبَّهَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي آخِرِ كِتَابِ الْبُيُوعِ بِذَنَبِ الْحَيَوَانِ الْمُتَّصِلِ بِعَجُزِهِ وَجَعَلَ ذِكْرَهَا فِي آخِرِهِ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الذَّنَبِ فِي عَجُزِ الْحَيَوَانِ وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ لَا تَخْفَى. مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعِينَةِ
(قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ الْعِينَةِ) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الْعِينَةِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسِيرُهَا أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْمُحْتَاجُ إلَى آخَرَ وَيَسْتَقْرِضَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَا يَرْغَبُ الْمُقْرِضُ فِي الْإِقْرَاضِ طَمَعًا فِي فَضْلٍ لَا يَنَالُهُ بِالْقَرْضِ فَيَقُولُ لَا أُقْرِضُك، وَلَكِنْ أَبِيعُك هَذَا الثَّوْبَ إنْ شِئْت بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهُ فِي السُّوقِ عَشَرَةٌ لِيَبِيعَهُ فِي السُّوقِ بِعَشَرَةٍ فَيَرْضَى بِهِ الْمُسْتَقْرِضُ فَيَبِيعُهُ كَذَلِكَ، فَيَحْصُلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ دِرْهَمًا وَلِلْمُشْتَرِي قَرْضُ عَشَرَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا ثَالِثًا فَيَبِيعُ الْمُقْرِضُ ثَوْبَهُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَيُسْلِمُهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الثَّالِثِ بِعَشَرَةٍ وَيُسْلِمُهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ الثَّالِثُ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ الْمُقْرِضُ بِعَشَرَةٍ وَيُسْلِمُهُ إلَيْهِ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ وَيَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَقْرِضِ فَيَحْصُلَ لِلْمُسْتَقْرِضِ عَشَرَةٌ وَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: الْعِينَةُ جَائِزَةٌ مَأْجُورٌ مَنْ عَمِلَ بِهَا، كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى هِنْدِيَّةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا الْبَيْعُ فِي قَلْبِي كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ ذَمِيمٌ اخْتَرَعَهُ أَكَلَةُ الرِّبَا. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ذَلَلْتُمْ وَظَهَرَ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ إلَّا خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ مَبَرَّةِ الْقَرْضِ اهـ ط مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مَتْنًا فِي الْكَفَالَةِ) وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى ذِكْرِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْبُيُوعَاتِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ بَيَانَهُ سَيَأْتِي فِي الْكَفَالَةِ.
مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّلْجِئَةِ
(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ التَّلْجِئَةِ) هِيَ مَا أُلْجِئَ إلَيْهِ الْإِنْسَانُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَخَافَ الرَّجُلُ السُّلْطَانَ فَيَقُولَ لِآخَرَ إنِّي أُظْهِرُ أَنِّي بِعْت دَارِي مِنْك، وَلَيْسَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ تَلْجِئَةٌ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ مُغْرِبٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ كَالْهَزْلِ) أَيْ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ وَالْهَزْلُ كَمَا فِي الْمَنَارِ هُوَ أَنْ يُرَادَ بِالشَّيْءِ مَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ وَلَا مَا يَصْلُحُ اللَّفْظُ لَهُ اسْتِعَارَةً، وَهُوَ ضِدُّ الْجِدِّ: وَهُوَ أَنْ يُرَادَ مَا وُضِعَ لَهُ أَوْ مَا صَلُحَ أَنَّهُ يُنَافِي اخْتِيَارَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا بِهِ، وَلَا يُنَافِي الرِّضَا بِالْمُبَاشَرَةِ وَاخْتِيَارَ الْمُبَاشَرَةِ فَصَارَ بِمَعْنَى خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا مَشْرُوطًا بِاللِّسَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute