لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ سَلَّمَهُ لِلْحَالِ بَرِئَ وَإِنَّمَا الْمُدَّةُ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ، وَلَوْ زَادَ وَأَنَا بَرِيءٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ دُرَرٌ وَأَشْبَاهٌ.
قُلْت: وَنَقَلَهُ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى.
ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْفَتْوَى أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا اهـ. لَكِنْ تَقَوَّى الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَتَنَبَّهْ
(وَلَا يُطَالَبُ) بِالْمَكْفُولِ بِهِ (فِي الْحَالِ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَبِهِ يُفْتَى) وَصَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَوْ كُلَّمَا طَلَبَ فَلَهُ أَجْرُ شَهْرٍ صَحَّتْ، وَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مُنْذُ طَلَبَهُ فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ فَطَالَبَهُ لَزِمَ التَّسْلِيمُ وَلَا أَجَلَ لَهُ ثَانِيًا ثُمَّ قَالَ كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ صَحَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوَسُّعِ
(وَإِنْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ أَحْضَرَهُ فِيهِ إنْ طَلَبَهُ) كَدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ حَلَّ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ) فِيهَا (وَإِلَّا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ) حِينَ يَظْهَرُ مَطْلُهُ، وَلَوْ ظَهَرَ عَجْزُهُ ابْتِدَاءً
ــ
[رد المحتار]
يَحْكُمُ بِجَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ كَفِيلًا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ اهـ ح.
(قَوْلُهُ: لَوْ سَلَّمَهُ لِلْحَالِ بَرِئَ) وَيُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ، كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إذَا عَجَّلَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ خَانِيَّةٌ، فَلَوْ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُهُ فِيهَا وَلَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَى الْقَبُولِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا) لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الْمُدَّةِ لِنَفْيِهِمَا الْكَفَالَةَ فِيهِ صَرِيحًا وَلَا فِي الْحَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ظَهِيرِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ إلَخْ) نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ كَفَلَ بِنَفْسِهِ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ فَهُوَ كَمَا قَالَ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَقَوَّى الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) قُلْت: وَتَقَوَّى الثَّانِي بِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ بِحَيْثُ لَا يَقْصِدُونَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ عَالِمًا بِحُكْمِ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَاصِدًا لَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالَبُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَ التَّسْلِيمُ) أَيْ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا أَجَلَ لَهُ ثَانِيًا أَيْ بِالطَّلَبِ الثَّانِي وَهَذَا مَا لَمْ يَدْفَعْهُ، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ بَرِئْت إلَيْكَ مِنْهُ يَبْرَأُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ ثَانِيًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَرَاءَةً؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكَفَالَةِ كُلَّمَا طَلَبْته مِنِّي فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا طَلَبْته مِنِّي وَافَيْتُك بِهِ إلَّا أَنَّ لِي أَجَلَ شَهْرٍ حَتَّى أَطْلُبَهُ، وَكَلِمَةُ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَتَقْتَضِي تَكْرَارَ الْمُوَافَاةِ كُلَّمَا تَكَرَّرَ الطَّلَبُ، فَبِالدَّفْعِ إلَيْهِ يَبْرَأُ عَنْ مُوَافَاةٍ لَزِمَتْهُ بِالْمُطَالَبَةِ السَّابِقَةِ لَا عَنْ مُوَافَاةٍ تَلْزَمُهُ بِمُطَالَبَةٍ تُوجَدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ ذَلِكَ لِصَرِيحِ الْإِبْرَاءِ، فَإِذَا بَرِئَ إلَيْهِ حِينَ دَفَعَهُ مَرَّةً وَجَدَ صَرِيحَ الْإِبْرَاءِ وَمَا لَا فَلَا، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْرَأْ فَطَالَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ مَرَّةً، ذَخِيرَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا أَجَلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمُطَالَبَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِذَا سَلَّمَهُ وَتَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ عُهْدَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَهُ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ ثَانِيًا، لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ بَعْدَ هَذَا الطَّلَبِ، فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فَطَالَبَهُ بِهِ فَلَا أَجَلَ لَهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الطَّالِبِ وَهَكَذَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ، أَمَّا فِي كَفَالَةِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْتَهِي بِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ كَفَلَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَمَتَى طَلَبَهُ فَلَهُ الْأَجَلُ، فَإِذَا مَضَى فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ اهـ.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى كَفَالَةِ الْمَالِ، وَلَعَلَّهُ جُرِّدَتْ مَتَى وَكُلَّمَا عَنْ الْعُمُومِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ هُنَا لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ كَفَالَةِ النَّفْسِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخِيَارُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَ) يَنْبَغِي كَوْنُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي لَفْظِ الْكَفِيلِ أَوْ الطَّالِبِ ط.
(قَوْلُهُ: أَحْضَرَهُ) أَيْ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ بِالشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فَبِالْقَضِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ قَدْ وَفَّى. .
(قَوْلُهُ: حِينَ يَظْهَرُ مَطْلُهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَتَّى، وَالصَّوَابُ