للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَحْسِبُهُ عَيْنِيٌّ (فَإِنْ غَابَ) أَمْهَلَهُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَلَوْ لِدَارِ الْحَرْبِ عَيْنِيٌّ وَابْنُ مَلَكٍ (وَ) لَوْ (لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ (إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الطَّالِبِ) زَيْلَعِيٌّ.

زَادَ فِي الْبَحْرِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْكَفِيلُ) مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي الْقُنْيَةِ: غَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَلِلدَّائِنِ مُلَازَمَةُ الْكَفِيلِ حَتَّى يُحْضِرَهُ؛ وَحِيلَةُ دَفْعِهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ خَصْمَك غَائِبٌ غَيْبَةً لَا تُدْرَى فَبَيِّنْ لِي مَوْضِعَهُ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا، فَإِنَّ لَهُ خُرْجَةً لِلتُّجَّارِ مَعْرُوفَةً أَمَرَ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَوْضِعَهُ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا بِذَهَابِهِ إلَيْهِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ مِنْ الْكَفِيلِ لِئَلَّا يَغِيبَ الْآخَرُ

ــ

[رد المحتار]

الْأَوَّلُ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْكَفَالَةَ حَتَّى أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَيْ لِظُهُورِ مَطْلِهِ بِإِنْكَارِهِ فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ الْمَدْيُونِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَكَأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَهُ بَحْثًا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَحْبِسُهُ) لَكِنْ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفِيلِ فَيُلَازِمُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَشْغَالِهِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ أَضَرَّتْهُ مُلَازَمَتُهُ لَهُ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِكَفِيلٍ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ) أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَطَلَبَ الْغَرِيمُ مِنْهُ إحْضَارَهُ نَهْرٌ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي غَيْبَتُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ بِعِلْمِ الْقَاضِي أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْكَفِيلُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَافِي الْحَاكِمِ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمَسَافَةَ الْقَرِيبَةَ وَالْبَعِيدَةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَمْهَلَهُ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ السَّفَرَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ لِلْحَالِ بِلَا إمْهَالٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ عُذْرٌ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِهِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِيَابِهِ) بِالْكَسْرِ: أَيْ رُجُوعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِدَارِ الْحَرْبِ) وَلَا تَبْطُلُ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَوْتًا حُكْمًا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حَيٌّ مُطَالَبٌ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَادَعَةٌ أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ إلَيْنَا الْمُرْتَدَّ وَإِلَّا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ اهـ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يُطَالَبُ بِهِ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُبَرْهِنْ الطَّالِبُ عَلَى أَنَّهُ بِمَوْضِعِ كَذَا، فَإِنْ بَرْهَنَ أُمِرَ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مَكَانُهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الطَّالِبِ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَقَدْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ عَلَيْهِ اهـ، فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ شَرْطًا لِنَفْيِ الْمُطَالَبَةِ بَلْ بَيَّنَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُ الطَّالِبُ ثُمَّ أَعْقَبَ الزَّيْلَعِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فَبَيَّنَ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِرْجَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَصْدِيقَ الطَّالِبِ غَيْرُ شَرْطٍ فِي نَفْيِ الْمُطَالَبَةِ تَأَمَّلْ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرَةٍ.

(قَوْلُهُ: بِمَا فِي الْقُنْيَةِ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ السَّعْدِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَحِيلَةُ دَفْعِهِ) أَيْ دَفْعِ الطَّالِبِ عَلَى مُلَازَمَتِهِ لِلْكَفِيلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ بَرْهَنَ الْكَفِيلُ عَلَى أَنَّ غَيْبَتَهُ لَا تُدْرَى لَكِنْ هَذِهِ بَيِّنَةٌ فِيهَا نَفْيٌ وَلَعَلَّهُ يُقْبَلُ لِكَوْنِهِ تَبَعًا وَالْقَصْدُ إثْبَاتُ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ مَقْدِسِيٌّ، وَمَا قَالَهُ الرَّحْمَتِيُّ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَرْهَنَ لِلطَّالِبِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَحِيلَةُ دَفْعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ، وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُهُ زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ الْجَهْلُ وَمُنْكِرٌ لُزُومَ الْمُطَالَبَةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْكَفِيلِ وَيَحْبِسُهُ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَظْهَرَ عَجْزُهُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ كَانَتْ مُتَوَجِّهَةً عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي إسْقَاطِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَدَّعِي اهـ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ صَرَّحَ بِالتَّحْلِيفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَحْلِفُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ ثُمَّ قَدْ عَلِمْت أَنَّ كَوْنَ الْقَوْلِ لِلْكَفِيلِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِ الْكَفِيلِ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الطَّالِبُ أَوْ يُبَرْهِنْ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ، نَعَمْ مَا فِي الْمَتْنِ يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الْفَتْحِ بِقِيلِ وَذَلِكَ يُفِيدُ ضَعْفَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>