أَيْ فِي مَوْضِعٍ (يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ) سَوَاءٌ قَبِلَهُ الطَّالِبُ أَوْ لَا (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) وَقْتَ التَّكْفِيلِ (إذَا دَفَعْته إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ) وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ مَرَّةً قَالَ سَلَّمْته إلَيْك بِجِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ لَا، إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ (وَلَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي سَلَّمَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ) تَسْلِيمُهُ (فِي غَيْرِهِ) بِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا لِتَهَاوُنِ النَّاسِ فِي إعَانَةِ الْحَقِّ، وَلَوْ سَلَّمَهُ عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ جَازَ بَحْرٌ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ لَوْ سَجَنَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ سَجَنَ أَمِيرُ الْبَلَدِ فِي هَذَا الْمِصْرِ جَازَ ابْنُ مَلَكٍ
(وَكَذَا يَبْرَأُ) الْكَفِيلُ (بِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ
ــ
[رد المحتار]
(قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمِصْرَ الَّذِي كَفَلَ فِيهِ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُمَا أَوْجَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
وَقِيلَ إنَّهُ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ، وَبَيَانُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.
وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ سَوَادٍ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَبِلَهُ الطَّالِبُ أَوْ لَا) فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْزِلُ قَابِضًا كَالْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْعَيْنَ وَالْمَدْيُونِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ مِنَحٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُجْبَرُ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ مَرَّةً) إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا إذَا كَفَلَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ.
(قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَهَذَا إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْتَى فِيهَا بِقَوْلِ زُفَرَ بَحْرٌ، وَعَدَّهَا سَبْعًا وَقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ الْحَصْرَ.
قُلْت: وَقَدْ زِدْت عَلَيْهَا مَسَائِلَ وَذَكَرْتهَا مَنْظُومَةً فِي النَّفَقَاتِ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّةِ: جَعَلَ هَذَا رَأْيًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ لَا قَوْلًا لِزُفَرَ: وَلَفْظُهُ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ إذَا سَلَّمَهُ فِي السُّوقِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمِصْرِ بِنَاءً عَلَى عَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُعَيِّنُونَ الْمَطْلُوبَ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنْ الْحُضُورِ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ فَكَانَ الشَّرْطُ مُقَيَّدًا فَيَصِحُّ وَبِهِ يُفْتَى اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا اخْتِلَافَ عَصْرٍ وَزَمَانٍ مَعَ أَنَّ زُفَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ اهـ.
قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، فَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا الْإِمَامُ وَأَصْحَابُهُ وَجَعَلُوا الْخِلَافَ فِيهَا بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ كَمَسْأَلَةِ الِاكْتِفَاءِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا وَكَالْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ آنِفًا، وَبَعْدَ نَقْلِ الثِّقَاتِ ذَلِكَ عَنْ زُفَرَ كَيْفَ يُنْفَى بِكَلَامٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ، وَالْمُشَاهَدُ اخْتِلَافُ الزَّمَانِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَهُ عِنْدَ الْأَمِيرِ) أَيْ وَقَدْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ عِنْدَ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ قَاضِي الرَّسَاتِيقِ كَمَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْقُنْيَةِ؛ لِأَنَّ أَغْلَبَهُمْ ظَلَمَةٌ قَالَ ط.
قُلْت: وَلَا خُصُوصَ لِلرَّسَاتِيقِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
(قَوْلُهُ: ابْنُ مَلِكٍ) وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَجْمَعِ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ وَقَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ.
وَفِي الْمُحِيطِ: هَذَا إذَا كَانَ السِّجْنُ سِجْنَ قَاضٍ آخَرَ فِي بَلَدٍ آخَرَ.
أَمَّا لَوْ كَانَ سِجْنَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ سِجْنَ أَمِيرِ الْبَلَدِ فِي هَذَا الْمِصْرِ يَبْرَأُ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ سِجْنَهُ فِي يَدِهِ فَيُخَلِّي سَبِيلَهُ حَتَّى يُجِيبَ خَصْمَهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ إلَى السِّجْنِ اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ ضَمِنَ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فَسَلَّمَهُ فِيهِ يَبْرَأُ، وَلَوْ أُطْلِقَ ثُمَّ حُبِسَ ثَانِيًا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فِيهِ، إنْ الْحَبْسُ الثَّانِي فِي أُمُورِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا صَحَّ الدَّفْعُ، وَإِنْ فِي أُمُورِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهَا لَا اهـ.
وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِذَا حُبِسَ الْمَكْفُولُ بِهِ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ أَخَذْت الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفُكَّهُ مِمَّا حُبِسَ بِهِ بِأَدَاءِ حَقِّ الَّذِي حَبَسَهُ اهـ أَيْ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ تَسْلِيمُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ الْمَارِّ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسَهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ: أَيْ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ كَمَا فِي السِّرَاجِ عَنْ الْفَوَائِدِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا