للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِتَسْلِيمِ وَكِيلِ الْكَفِيلِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (وَرَسُولِهِ إلَيْهِ) لِأَنَّ رَسُولَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ.

وَفِيهِ: يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ، وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ سَلَّمْت إلَيْك عَنْ الْكَفِيلِ دُرَرٌ (مِنْ كَفَالَتِهِ) أَيْ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَيْنِيٌّ، وَإِلَّا لَا يَبْرَأُ ابْنُ كَمَالٍ فَلْيُحْفَظْ

(فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ) أَيْ آتِي (بِهِ غَدًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ

ــ

[رد المحتار]

كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الْحُضُورُ فَلَيْسَ مُطَالَبًا بِالتَّسْلِيمِ، فَإِذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ نَهْرٌ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِلَا أَمَرَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فَيُسَلِّمَهُ فَيَبْرَأُ اهـ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَأْثَمُ بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَهُ الْهَرَبُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَبِتَسْلِيمِ وَكِيلِ الْكَفِيلِ) لَوْ قَالَ وَبِتَسْلِيمِ نَائِبِهِ لَكَانَ أَجْوَدَ وَأَفْوَدَ؛ لِأَنَّ كَفِيلَ الْكَفِيلِ لَوْ سَلَّمَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ أَيْضًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَرَسُولُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الطَّالِبِ، بِأَنْ دَفَعَ الْمَطْلُوبَ إلَى رَجُلٍ يُسَلِّمُهُ إلَى الطَّالِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ إنَّ الْكَفِيلَ أَرْسَلَ مَعِي هَذَا لِأُسَلِّمَهُ إلَيْكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَسُولَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ) تَعْلِيلٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَيْهِ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ لَوْ كَانَ رَسُولًا إلَى غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ؛ وَمِثَالُهُ كَمَا فِي ط: لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ لِشَخْصٍ خُذْ هَذَا وَسَلِّمْهُ لِفُلَانٍ لِيُسَلِّمَهُ لِلطَّالِبِ فَأَخَذَهُ الرَّسُولُ وَسَلَّمَهُ إلَى الطَّالِبِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَتَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ يُشْتَرَطُ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي بَعْدَهُ قَبُولُ الطَّالِبِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقُيِّدَ بِالْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْكَفِيلِ وَقَالَ سَلَّمْت إلَيْكَ عَنْ الْكَفِيلِ وُقِفَ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ سَكَتَ لَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ الْمَطْلُوبُ وَالْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ، وَهَذَا دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ، أَرَادَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مِنْ كَفَالَتِهِ قَيْدٌ فِي الْكُلِّ لَا فِي الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ كَرَّرَ لَفْظَ بِتَسْلِيمٍ، وَلَا فِي الْمَطْلُوبِ فَقَطْ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الْكَنْزِ حَيْثُ قَدَّمَ قَوْلَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ.

ثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَصْدُ كَوْنِ التَّسْلِيمِ عَنْ الْكَفَالَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، بِأَنْ يَقُولَ سَلَّمْت إلَيْكَ عَنْ الْكَفِيلِ مِنْ كَفَالَتِهِ فَافْهَمْ، لَكِنْ اقْتَصَرَ فِي الدُّرَرِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْكَفِيلِ، وَعَزَاهُ إلَى الْخَانِيَّةِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْكَفَالَةِ، وَعَبَّرَ فِي الْفَتْحِ مَرَّةً بِالْأَوَّلِ وَمَرَّةً بِالثَّانِي، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ زَادَ الشَّارِحُ كَلِمَةَ أَوْ بِأَنْ قَالَ أَوْ مِنْ كَفَالَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا يَبْرَأُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُ هَؤُلَاءِ ذَلِكَ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ.

(قَوْلُهُ: ابْنُ كَمَالٍ) وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ إلَخْ) قَيْدٌ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ سَلَّمَهُ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ وَمَاتَ الْمَطْلُوبُ وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَعَجَزَ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَصِحُّ فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الْمُطَالَبَةُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَجْزُ الْمُوجِبُ لِلُزُومِ الْمَالِ فَلَمْ يَجِبْ اهـ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ آتِ) وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ أَدْفَعْهُ إلَيْكَ أَوْ إنْ غَابَ عَنْك نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْقَائِلُ وَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْمَقُولِ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ فَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ أَوْ عِنْدِي كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ مَرَّ.

(قَوْلُهُ: لِمَا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَدْرِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي، وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ لِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ فَالْمَالُ الَّذِي لَكَ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٌ آخَرُ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَيَّ، جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ، وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ إذَا كَانَ الْمَالُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِلطَّالِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>