للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ ضَمِنَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ سِرَاجٌ وَلَعَلَّهُ قَوْلُ الثَّانِي لِمَا مَرَّ نَهْرٌ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: اخْتَلَفَا فِي الْإِخْبَارِ وَالْإِنْشَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْمُخْبِرِ

(وَ) لَا تَصِحُّ (بِدَيْنٍ) سَاقِطٍ وَلَوْ مِنْ وَارِثٍ (عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ) إلَّا إذَا كَانَ بِهِ كَفِيلٌ أَوْ رَهْنٌ مِعْرَاجٌ، أَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ فَتَصِحُّ بِقَدْرِهِ ابْنُ مَلَكٍ، أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ، بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى الطَّرِيقِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الْمَالِ فِي مَالِهِ وَضَمَانُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ السَّبَبِ وَهُوَ الْحَفْرُ الثَّابِتُ حَالَ قِيَامِ الذِّمَّةِ بَحْرٌ، وَهَذَا عِنْدَهُ وَصَحَّحَاهَا مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدٌ صَحَّ إجْمَاعًا

(وَ) لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ (بِالثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ)

ــ

[رد المحتار]

وَالْجَوَابُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ إفَادَتِهِ رَفْعَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى التَّوَقُّفِ وُجُودُ الشَّبَهَيْنِ، نَعَمْ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهَا كَفَالَةٌ حَقِيقَةً لَا يَنْتَظِرُ لَكِنْ عَلِمْت مَا فِيهِ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّ اشْتِرَاطَ الْمَالِ مَبْنِيٌّ عَلَى شَبَهِ الْوَصِيَّةِ دُونَ الْكَفَالَةِ كَمَا عَلِمْت، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ دَفْعَ الْوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِمْ بَلْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ الِانْتِظَارَ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَهُ) أَيْ لَوْ ضَمِنَ وَارِثُ الْمَرِيضِ الْمَلِيُّ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي غَيْبَةِ الطَّالِبِ.

(قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ قَوْلُ الثَّانِي لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ تَجْوِيزِهِ الْكَفَالَةَ بِلَا قَبُولِ، وَهَذَا الْحَمْلُ مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُمَا فِي حَالِ الصِّحَّةِ لَا تَصِحُّ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالْأَوْلَى، وَلِأَنَّ وَجْهَ كَوْنِهَا كَفَالَةً فِي الْمَرَضِ قِيَامُ الْمَرِيضِ مَقَامَ الطَّالِبِ فِي الْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ: اخْتَلَفَا فِي الْإِخْبَارِ وَالْإِنْشَاءِ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى: أَيْ إذَا قَالَ أَنَا كَفِيلُ زَيْدٍ فَقَالَ الطَّالِبُ كُنْت مُخْبِرًا بِذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَبُولِي، وَقَالَ الْكَفِيلُ كُنْت مُنْشِئًا لِلْكَفَالَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُخْبِرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ

(قَوْلِهِ: بِدَيْنٍ سَاقِطٍ) أَيْ بِسَبَبِ مَوْتِهِ مُفْلِسًا.

(قَوْلُهُ: عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ) هُوَ مَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ وَلَا كَفِيلَ عَنْهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ بِهِ كَفِيلٌ أَوْ رَهْنٌ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ سَاقِطٍ، وَلَوْ حَذَفَ " سَاقِطٍ " أَوَّلًا ثُمَّ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُ لَكَانَ أَوْضَحَ يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ إلَّا إذَا كَانَ بِهِ كَفِيلٌ حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ رَهْنٌ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَالَةُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فِي حَقِّهِ لِلضَّرُورَةِ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَأَبْقَيْنَاهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرَ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِهِ حِينَئِذٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِالْكَفِيلِ وَبِبَيْعِ الرَّهْنِ ط.

(قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ) فِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ شَيْئًا لَا يَفِي لَزِمَ الْكَفِيلَ بِقَدْرِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الطَّرِيقِ) الْمُرَادُ بِهِ الْحَفْرُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ضَمَانُ الْمَالِ فِي مَالِهِ وَضَمَانُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَتِهِ) هَذَا زِيَادَةٌ مِنْ الشَّارِحِ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَفْرُ الثَّابِتُ حَالَ قِيَامِ الذِّمَّةِ) وَالْمُسْتَنَدُ يَثْبُتُ أَوَّلًا فِي الْحَالِ وَيَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قُوَّتِهَا حِينَئِذٍ بِهِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاسْتِيفَاءِ بَحْرٌ عَنْ التَّحْرِيرِ: أَيْ وَيَلْزَمُ ثُبُوتُهُ فِي الْحَالِ اعْتِبَارُ قُوَّةِ الذِّمَّةِ حِينَ ثُبُوتِهِ بِهِ أَيْ بِالدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاسْتِيفَاءِ زِيَادَةٌ مِنْ الْبَحْرِ عَلَى مَا فِي التَّحْرِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) الْإِشَارَةُ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ أَيْ بِإِيفَائِهِ.

(قَوْلُهُ: صَحَّ إجْمَاعًا) لِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ سَقَطَ، لَكِنَّ سُقُوطَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ هُوَ لَهُ فَإِذَا كَانَ بَاقِيًا فِي حَقِّهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ) وَكَذَا عَكْسُهُ، وَهُوَ تَوْكِيلُ الْكَفِيلِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَفَالَةِ بَحْرٌ، قَيَّدَ بِالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ بِالْبَيْعِ يَصِحُّ ضَمَانُهُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْغَنَائِمِ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ كَالرَّسُولِ، وَقَيَّدَ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ لَوْ ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ صَحَّ لِكَوْنِهِ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا بَحْرٌ، وَقَيَّدَ بِالْكَفَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>