كَمَا مَرَّ (وَتَأَخَّرَ) الدَّيْنُ (عَنْهُ) تَبَعًا لِلْأَصِيلِ إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبَ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالٍ ثُمَّ كَفَلَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمُصَالِحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ أَشْبَاهٌ (وَلَا يَنْعَكِسُ) لِعَدَمِ تَبَعِيَّةِ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ نَعَمْ لَوْ تَكَفَّلَ بِالْحَالِ مُؤَجَّلًا تَأَجَّلَ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَهُ عَلَى الْكَفِيلِ تَأْجِيلٌ عَلَيْهِمَا، وَفِيهِ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ الْإِبْرَاءَ
ــ
[رد المحتار]
فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْإِبْرَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَتَأَخَّرَ الدَّيْنُ عَنْهُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ، وَشَمِلَ كَفِيلَ الْكَفِيلِ، فَإِذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ وَكَفِيلِهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ تَأَخَّرَ عَنْ الثَّانِي أَيْضًا لَا عَنْ الْأَصِيلِ كَمَا فِي الْكَافِي، وَشَرْطُهُ أَيْضًا قَبُولُ الْأَصِيلِ، فَلَوْ رَدَّهُ ارْتَدَّ كَمَا أَفَادَهُ الْفَتْحُ.
(قَوْلُهُ: تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمَصَالِحِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكَاتَبُ وَالْفَاعِلُ وَلِيُّ الْقَتِيلِ أَوْ إلَى فَاعِلِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَلِيُّ وَالْمَفْعُولُ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ الْمُصَالَحَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَهَذَا أَوْلَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ فَافْهَمْ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ كَفَلَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ بِمَا لَزِمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِنَّ الْمُطَالَبَةَ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ إلَى عِتْقِهِ وَيُطَالِبُ كَفِيلَهُ لِلْحَالِ، لَكِنْ فِي هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ تَأَخَّرَ لَا بِتَأْخِيرِ الطَّالِبِ فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَكِسُ) أَيْ لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ أَيْ أَجَّلَهُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ حَالًّا لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِذَا لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ بِشَيْءٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ الدَّيْنَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ حَيْثُ يَرْجِعُ اهـ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَكَفَّلَ بِالْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى الْأَصِيلِ فَكَفَلَ بِهِ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا بِالْأَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَأْجِيلَهُ عَلَى الْكَفِيلِ تَأْجِيلٌ عَلَيْهِمَا) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ تَامٍّ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ هِيَ أَنَّ الطَّالِبَ لَيْسَ لَهُ حَالُ الْكَفَالَةِ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ إلَّا الدَّيْنَ فَبِالضَّرُورَةِ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ بِتَأْجِيلِ الْكَفِيلِ، أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ ثَابِتَةً قَبْلَ التَّأْجِيلِ، فَقَدْ تَقَرَّرَ حُكْمُهَا وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ ثُمَّ طَرَأَ التَّأْجِيلُ عَنْ الْكَفِيلِ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا تَقَرَّرَ عَلَيْهِ بِهَا وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ.
[تَنْبِيهٌ] مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَلَيْهِمَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَضَافَ الْكَفِيلُ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ، بِأَنْ قَالَ أَجِّلْنِي أَوْ شَرَطَ الطَّالِبُ وَقْتَ الْكَفَالَةِ الْأَجَلَ لِلْكَفِيلِ خَاصَّةً فَلَا يَتَأَخَّرُ الدَّيْنُ حِينَئِذٍ عَنْ الْأَصِيلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ. وَنَقَلَ ط عِبَارَتَهَا.
مَطْلَبُ لَوْ كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا تَأَجَّلَ عَنْ الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ مَثَلًا فَهُوَ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْغِيَاثِيَّةِ.
ثُمَّ نُقِلَ خِلَافُهُ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ شُمُولِهِ لِلْقَرْضِ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ.
قُلْت: لَكِنْ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ، وَكُلُّ الْكُتُبِ تُخَالِفُهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ، وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْقَرْضِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الشَّهِيدَ فِي الْكَافِي صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُشْتَرَطُ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ عَائِدٌ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلُ إلَخْ، وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَةَ فِيهِ لَكَانَ أَوْضَحَ.
وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ هَكَذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إنْ قَبِلَ بَرِئَا أَيْ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مَعًا أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا بِلَا عَكْسٍ فِيهِمَا، وَلَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ فَقَطْ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ إذْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِيَحْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ بَلْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ، وَلَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ: أَيْ لِلْكَفِيلِ إنْ كَانَ غَنِيًّا، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَهِبَةِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ