للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّأْجِيلَ لَا الْكَفِيلِ إلَّا إذَا وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ دُرَرٌ.

قُلْت: وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ: أَجَّلَهُ عَلَى الْكَفِيلِ يَتَأَجَّلُ عَلَيْهِمَا، وَعَزَاهُ لِلْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فَلْيُحْفَظْ

وَفِي الْقُنْيَةِ: طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ اصْبِرْ حَتَّى يَجِيءَ الْأَصِيلُ فَقَالَ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ إنَّمَا تَعَلُّقِي عَلَيْك هَلْ يَبْرَأُ؟ أَجَابَ نَعَمْ، وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

(وَإِذَا حَلَّ) الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ (عَلَى الْكَفِيلِ بِمَوْتِهِ لَا يَحِلُّ عَلَى الْأَصِيلِ) فَلَوْ أَدَّاهُ وَارِثُهُ لَمْ يَرْجِعْ لَوْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ إلَّا إلَى أَجَلِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ (كَمَا لَا يَحِلُّ) الْمُؤَجَّلُ (عَلَى الْكَفِيلِ) اتِّفَاقًا (إذَا حَلَّ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ) أَيْ بِمَوْتِهِ، وَلَوْ مَاتَا

ــ

[رد المحتار]

تَصِحُّ إذَا سَلَّطَ عَلَيْهِ وَالْكَفِيلُ مُسَلَّطٌ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْجُمْلَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَبَعْدَهُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ اهـ، وَضَمِيرُ بَعْدَهُ لِلْقَبُولِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ حُكْمَ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ فِي الْكَفِيلِ مُخْتَلِفٌ، فَفِي الْإِبْرَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَحْتَاجُ وَفِي الْأَصِيلِ مُتَّفِقٌ، فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْكُلِّ، وَمَوْتُهُ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَالرَّدُّ كَالْقَبُولِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّدِّ وَأَفَادَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ وَالتَّأْجِيلَ يَرْتَدَّانِ بِرَدِّ الْأَصِيلِ.

وَأَمَّا الْكَفِيلُ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ الْإِبْرَاءَ بَلْ التَّأْجِيلُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مُجَرَّدُ الْمُطَالَبَةِ، وَالْإِسْقَاطُ الْمَحْضُ لَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ لِتَلَاشِي السَّاقِطِ، بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لِعَوْدِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ، فَإِذَا عُرِفَ هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْكَفِيلُ التَّأْخِيرَ أَوْ الْأَصِيلُ فَالْمَالُ حَالٌّ يُطَالَبَانِ بِهِ لِلْحَالِّ اهـ وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.

[تَنْبِيهٌ] نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْهِدَايَةِ مِثْلُ مَا هُنَا مِنْ أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، بِخِلَافِ إبْرَاءِ الْأَصِيلِ.

ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ أَخْرَجْتُك عَنْ الْكَفَالَةِ فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَخْرُجُ لَمْ يَصِرْ خَارِجًا.

ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَثَبَتَ أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ.

وَأَجَابَ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ لِعَقْدِ الْكَفَالَةِ، فَحَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهَا الْكَفِيلُ بَطَلَتْ فَتَبْقَى الْكَفَالَةُ، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ إسْقَاطٍ فَيَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ اهـ، عَلَى أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّأْجِيلُ) هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي عِبَارَةِ الدُّرَرِ كَمَا عَرَفْته، نَعَمْ هُوَ فِي الْفَتْحِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.

(قَوْلُهُ: لَا الْكَفِيلِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْكَفِيلِ الْإِبْرَاءَ وَالتَّأْجِيلَ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الدُّرَرِ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ فِي التَّأْجِيلِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ كَمَا سَمِعْته مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ إلَخْ) وَنَصُّهَا: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ضَمِنَ آخَرَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَبِيعٍ أَوْ أُجْرَةٌ لَازِمَةٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ رَبَّ الْمَالِ أَجَّلَهُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ هَلْ يَصِيرُ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِمَا؟ أَجَابَ يَصِيرُ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ اهـ.

أَقُولُ: هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِعِبَارَاتِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، عَلَى أَنِّي رَاجَعْت الْحَاوِيَ الْقُدْسِيَّ فَرَأَيْت خِلَافَ مَا عَزَاهُ إلَيْهِ.

وَنَصُّ عِبَارَةِ الْحَاوِي: وَإِنْ أَخَّرَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ عَنْ الْأَصِيلِ كَانَ تَأْخِيرًا عَنْ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الْأَصِيلِ اهـ بِالْحَرْفِ، وَكَأَنَّ ابْنَ نُجَيْمٍ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِمَا لَوْ تَكَفَّلَ بِالْحَالِّ مُؤَجَّلًا مَعَ أَنَّ صَرِيحَ السُّؤَالِ خِلَافُهُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فَلْيُحْفَظْ) بَلْ الْوَاجِبُ حِفْظُ مَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَبْقُ نَظَرٍ فَلَا يُحْفَظُ وَلَا يُلْحَظُ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُرِيدُونَ نَفْيَ التَّعَلُّقِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ نَفْيَ التَّعَلُّقِ الْحِسِّيِّ، وَإِنِّي لَا أَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَلُّقَ الْمُطَالَبَةِ اهـ ح عَلَى أَنَّ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَمْ يُوجَدْ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الدَّيْنَ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْغُرَرِ وَشَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ بِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ.

(قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ عَلَى الْأَصِيلِ) وَكَذَا إذَا عَجَّلَ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>