خُيِّرَ الطَّالِبُ دُرَرٌ
(صَالَحَ أَحَدُهُمَا رَبَّ الْمَالِ عَنْ أَلْفٍ) الدَّيْنِ (عَلَى نِصْفِهِ) مَثَلًا (بَرِئَا إلَّا) أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُرَبَّعَةٌ، فَإِذَا شَرَطَ بَرَاءَتَهُمَا أَوْ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ أَوْ سَكَتَ بَرِئَا، وَ (إذَا شَرَطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ) كَانَتْ فَسْخًا لِلْكَفَالَةِ لَا إسْقَاطًا لِأَصْلِ الدَّيْنِ فَيَبْرَأُ هُوَ وَحْدَهُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ (دُونَ الْأَصِيلِ) فَتَبْقَى عَلَيْهِ الْأَلْفُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الطَّالِبُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْكَفِيلُ بِخَمْسِمِائَةٍ لَوْ بِأَمْرِهِ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ رَجَعَ بِالْأَلْفِ كَمَا مَرَّ.
(صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى شَيْءٍ لِيُبْرِئَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ (وَلَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ) خَانِيَّةٌ،
ــ
[رد المحتار]
إلَّا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ كَفَلَ بِالزُّيُوفِ وَأَدَّى الْجِيَادَ تَتَارْخَانِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: خُيِّرَ الطَّالِبُ) أَيْ فِي أَخْذِهِ مِنْ أَيِّ التَّرِكَتَيْنِ شَاءَ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ دُرَرٌ
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) فَالنِّصْفُ غَيْرُ قَيْدٍ.
(قَوْلُهُ: بَرِئَا) أَيْ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى الْأَلْفِ الدَّيْنِ وَهُوَ عَلَى الْأَصِيلِ فَيَبْرَأُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ وَبَرَاءَتُهُ تُوجِبُ الْكَفِيلَ دُرَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا شَرَطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الطَّالِبَ يَأْخُذُ الْبَدَلَ فِي مُقَابَلَةِ إبْرَاءِ الْكَفِيلِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ مَحْسُوبٌ مِنْ أَصْلِ دَيْنِهِ وَيَرْجِعُ بِالْبَاقِي عَلَى الْأَصِيلِ بَحْرٌ، وَنُبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَقِبَهَا كَمَا يَأْتِي، وَيُوَضِّحُهُ مَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ خَاصَّةً مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمِائَةٍ وَرَجَعَ الطَّالِبُ عَلَى الْأَصِيلِ بِتِسْعِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ يَكُونُ فَسْخًا لِلْكَفَالَةِ وَلَا يَكُونُ إسْقَاطًا لِأَصْلِ الدَّيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَانَتْ فَسْخًا لِلْكَفَالَةِ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمَبْسُوطِ كَمَا عَلِمْت: أَيْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ بَاقِي الدَّيْنِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا عَقْدُ الصُّلْحِ تَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْكَفَالَةِ لِسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ الْكَفِيلِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَلَا يَسْقُطُ بِهَا أَصْلُ الدَّيْنِ، إذْ لَوْ سَقَطَ لَمْ يَبْقَ لِلطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ مَعَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي بِخِلَافِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ مُطَالَبَتَهُ سَقَطَتْ عَنْهُمَا جَمْعِيًّا.
(قَوْلُهُ: فَيَبْرَأُ هُوَ) أَيْ الْكَفِيلُ وَحْدَهُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ، وَهِيَ الَّتِي سَقَطَتْ بِعَقْدِ الصُّلْحِ، وَكَذَا عَنْ الَّتِي دَفَعَهَا بَدَلًا عَنْ الصُّلْحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ أَخْذٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ وَإِبْرَاءٌ عَنْ الْبَاقِي، فَحَيْثُ أَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفِيلِ بَعْضَ حَقِّهِ وَأَبْرَأهُ عَنْ بَاقِيهِ فَقَدْ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ أَصْلًا، وَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَلِذَا قَالَ دُونَ الْأَصِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَفِيلُ بِخَمْسِمِائَةٍ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَهِيَ الَّتِي أَدَّاهَا لِلطَّالِبِ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ بِأَمْرِهِ) أَيْ يَرْجِعُ بِهَا لَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جِنْسٍ آخَرَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى نِصْفِهِ اهـ ح.
(قَوْلُهُ: رَجَعَ بِالْأَلْفِ) لِأَنَّ الصُّلْحَ بِجِنْسٍ آخَرَ مُبَادَلَةً فَيَمْلِكُ الدَّيْنَ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَتْحٌ، وَكَذَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهُ الْبَاقِيَ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا مَرَّ: أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ
(قَوْلَهُ: صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ إلَخْ) فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَمَّا اسْتَوْجَبَ بِالْكَفَالَةِ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءُ الْكَفِيلِ عَنْ الْمُطَالَبَةِ اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الصُّلْحِ وَلُزُومُ الْمَالِ وَسُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ عَنْ الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْخَانِيَّةِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ؛ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَبْرَأُ عَنْهَا، فَلَوْ كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ عَلَى إنْسَانٍ وَاحِدٍ بَرِئَ اهـ.
وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: صَالَحَ عَلَى مَالٍ لِإِسْقَاطِ الْكَفَالَةِ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الْمَالِ، وَهَلْ تَسْقُطُ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ تَسْقُطُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ، وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَأَمَّلْ.
ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْمَتْنِ.
هِيَ الرَّابِعَةُ هُوَ أَنَّ هَذِهِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْكَفَالَةِ وَاَلَّتِي