للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ الْغَائِبِ كَذَا) مِنْ الْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَاضِرُ (كَفِيلٌ قَضَى) بِالْمَالِ (عَلَى الْكَفِيلِ) فَقَطْ (وَلَوْ زَادَ بِأَمْرِهِ قَضَى عَلَيْهِمَا) فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ هُنَا مَالٌ مُطْلَقٌ فَأَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ حِيلَةُ إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ خَافَ الطَّالِبُ مَوْتَ الشَّاهِدِ يَتَوَاضَعُ مَعَ رَجُلٍ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ مِثْلَ هَذِهِ الْكَفَالَةِ فَيُقِرُّ الرَّجُلُ بِالْكَفَالَةِ وَيُنْكِرُ الدَّيْنَ فَيُبَرْهِنُ الْمُدَّعِي عَلَى الدَّيْنِ فَيَقْضِي بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ ثُمَّ يُبْرِئُ الْكَفِيلَ فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى الْغَائِبِ

ــ

[رد المحتار]

يَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى الْكَفِيلِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ ادَّعَى إلَخْ هُوَ مَعْنَى مَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ: ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ فُلَانٍ بِمَا يَذُوبُ لَهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأَنْكَرَ الْحَقَّ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ، كَذَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَفِي حَقِّ الْغَائِبِ جَمِيعًا، حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ اهـ، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ: أَيْ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَحَيْثُ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ الْأَصِيلَ الْغَائِبَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثَبَتَ شَرْطُ الْكَفَالَةِ فَصَارَ الْكَفِيلُ خَصْمًا فَيَثْبُتُ عَلَيْهِ الْمَالُ قَصْدًا أَوْ عَلَى الْغَائِبِ ضِمْنًا، بِخِلَافِ مَا فِي الْمَتْنِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا لَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَكَمَ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ بِكَذَا فَلَوْ قُبِلَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ قَصْدًا؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَصِرْ خَصْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ شَرْطُ كَفَالَتِهِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ جَلِيٌّ وَاضِحٌ وَإِنْ خَفِيَ عَلَى صَاحِبِ النَّهْرِ وَغَيْرِهِ.

وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ إنَّ جَزْمَهُمْ هُنَا بِعَدَمِ الْقَبُولِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ، أَمَّا عَلَى أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَيَنْبَغِي النَّفَاذُ اهـ، فَإِنَّ الْمُفْتَى بِهِ نَفَاذُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهُ كَشَافِعِيٍّ، حَتَّى لَوْ رَفَعَ حُكْمَهُ إلَى الْحَنَفِيِّ نَفَّذَهُ كَمَا حَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ نَفْسُهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَكَلَامُهُمْ هُنَا فِي الْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ، فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يَنْفُذُ لِمَا عَلِمْته مِنْ عَدَمِ الْخَصْمِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَرْهَنَ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ دَاخِلَةٍ تَحْتَ قَوْلِهِ كَفَلَ بِمَا ذَابَ إلَخْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ هُنَا بِمَالٍ مُطْلَقٍ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَفِيلٌ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ) أَيْ فَإِذَا قَضَى عَلَيْهِمَا: أَيْ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ثَبَتَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا إعَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ ضِمْنًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بَرْهَنَ إلَخْ مَالٌ مُطْلَقٌ: أَيْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهِ ثَابِتًا بَعْدَ الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَفَلَ بِمَا ذَابَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ فِيهِ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ مَقْضِيًّا بِهِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ، فَمَا لَمْ تَثْبُتْ تِلْكَ الصِّفَةُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا فَلَا يَكُونُ خَصْمًا كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانَ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْقَضَاءِ عَلَى الْكَفِيلِ.

وَأَمَّا كَوْنُ الْقَضَاءِ يَتَعَدَّى إلَى الْأَصِيلِ لَوْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَلَا يَتَعَدَّى لَوْ بِدُونِ أَمْرِهِ فَوَجْهُهُ كَمَا فِي النَّهْرِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ إنَّمَا تُفِيدُ قِيَامَ الدَّيْنِ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ فَلَا يَتَعَدَّى زَعْمُهُ إلَى غَيْرِهِ، أَمَّا بِالْأَمْرِ الثَّابِتِ فَيَتَضَمَّنُ إقْرَارَ الْمَطْلُوبِ بِالْمَالِ إذْ لَا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ إلَّا وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِهِ؛ فَلِذَا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ مُرَبَّعَةً إذْ الْكَفَالَةُ إمَّا مُطْلَقَةٌ كَكَفَلْت بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ مُقَيَّدَةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلٌّ مَا بِالْأَمْرِ أَوْ بِدُونِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُقَيَّدَةَ إذَا كَانَتْ بِالْأَمْرِ كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا عَلَيْهِمَا وَإِلَّا فَعَلَى الْكَفِيلِ فَقَطْ.

وَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَإِنَّ الْقَضَاءَ بِهَا عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْأَمْرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَا يَتَوَصَّلُ لِإِثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَى الْكَفِيلِ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ اهـ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ حِيلَةٌ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ آنِفًا عَنْ الْجَامِعِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ هِيَ الْحِيلَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>