للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْكَمَالِ، وَقَيَّدَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِمَا إذَا أَمَرَهُ بِهِ طَائِعًا، فَلَوْ مُكْرَهًا فِي الْأَمْرِ لَمْ يُعْتَبَرْ لِمَا أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ ذَكَرَهُ الْأَكْمَلُ.

وَقَالُوا: مَنْ قَامَ بِتَوْزِيعِهَا بِالْعَدْلِ أُجِرَ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَفْسُقُ حَيْثُ عَدَلَ وَهُوَ نَادِرٌ.

وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ لِرَجُلٍ خَلِّصْنِي مِنْ مُصَادَرَةِ الْوَالِي أَوْ قَالَ الْأَسِيرُ ذَلِكَ فَخَلَّصَهُ رَجَعَ بِلَا شَرْطٍ عَلَى الصَّحِيحِ.

قُلْت: وَهَذَا يَقَعُ فِي دِيَارِنَا كَثِيرًا، وَهُوَ أَنَّ الصُّوبَاشِيَّ يُمْسِكُ رَجُلًا وَيَحْبِسُهُ فَيَقُولُ لِآخَرَ خَلِّصْنِي فَيُخَلِّصَهُ بِمَبْلَغٍ: فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِغَيْرِ شَرْطِ الرُّجُوعِ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ فَتَدَبَّرْ، كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ

ــ

[رد المحتار]

الْفَتْوَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَذَا الْمَسْأَلَةُ الْأَكَّارُ كَمَا عَلِمْت.

وَفِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ: أَيْ فِي كَفَالَةِ النَّوَائِبِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ وَلِذَا قَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، وَالْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ: الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ اهـ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الِاخْتِيَارِ وَالْمُخْتَارِ وَالْمُلْتَقَى نَعَمْ صَحَّحَ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مُسْتَنِدًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَلِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَسِيرَ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ خَلِّصْنِي فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ مَالًا وَخَلَّصَهُ.

قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَرْجِعُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَ: فَهَذَا يَدْفَعُ مَا فِي الْإِصْلَاحِ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّ الظُّلْمَ يَجِبُ إعْدَامُهُ وَيَحْرُمُ تَقْرِيرُهُ وَفِي الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَقْرِيرِهِ اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ وَمَشَى عَلَى الصِّحَّةِ بَعْضُ الْمُتُونِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ لَفْظَ النَّوَائِبِ فَكَانَ أَرْجَحَ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْأَسِيرِ فَلَيْسَ فِيهَا كَفَالَةٌ وَلَا أَمْرُ الرُّجُوعِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ صَحَّحَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْعِلَّةُ فِيهِ إلَخْ فَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَا رَأَيْته فِي هَامِشِ نُسْخَتَيْ الْمِنَحِ بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَأَظُنُّهُ السَّيِّدَ الْحَمَوِيَّ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالنَّوَائِبِ رُجُوعُ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ لَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ لِطَالِبِهَا الظَّالِمِ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ يَجِبُ إعْدَامُهُ وَلَا يَجُوزُ تَقْرِيرُهُ فَلَا تَغْتَرَّ بِظَاهِرِ الْكَلَامِ اهـ، وَهُوَ تَنْبِيهٌ حَسَنٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرُوا الرُّجُوعَ عَلَى الْكَفِيلِ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى بَيَانِ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ لَوْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا تَقْرِيرُ الظُّلْمِ بَلْ فِيهِ تَحْقِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الْكَفَالَةُ يَحْبِسُ الظَّالِمُ الْمَكْفُولَ وَيَضْرِبُهُ وَيُكَلِّفُهُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أَوْ بِالِاسْتِدَانَةِ بِالْمُرَابَحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَلَعَلَّهُمْ لِهَذَا أَجَازُوا هَذِهِ الْكَفَالَةَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا بِثَمَنِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) لَا مَرْجِعَ فِي كَلَامِهِ لِهَذَا الضَّمِيرِ، وَالْمُنَاسِبُ قَوْلُ النَّهْرِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَضَى نَائِبُهُ غَيْرَهُ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَيَّدَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ إلَخْ أَيْ قَيَّدَ قَوْلَهُ بِأَمْرِهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ ظَاهِرٌ إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ أَمْرَ الْمُكْرَهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.

[فَرْعٌ] فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: جَمَاعَةٌ طَمِعَ الْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَاخْتَفَى بَعْضُهُمْ وَظَفِرَ الْوَالِي بِبَعْضِهِمْ فَقَالَ الْمُخْتَفُونَ لَهُمْ لَا تُطْلِعُوهُ عَلَيْنَا وَمَا أَصَابَكُمْ فَهُوَ عَلَيْنَا بِالْحِصَصِ، فَلَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئًا فَلَهُمْ الرُّجُوعُ قَالَ هَذَا مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ ضَمَانَ الْجِبَايَةِ وَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا يَصِحُّ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَبَرْ لِمَا أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ) الْأَصْوَبُ فِي الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْعِنَايَةِ لِلْأَكْمَلِ، فَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقَةٌ بِيُعْتَبَرُ لَا بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بَلْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ النَّائِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُكْرَهًا بِالْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ لَمْ يُعْتَبَرْ أَمْرُهُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ لِفَسَادِ الْأَمْرِ بِالْإِكْرَاهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمَأْمُورِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَبِهِ يُفْتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>