للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَامِشِهَا فَلْيُحْفَظْ (وَالْقِسْمَةُ) أَيْ النَّصِيبُ مِنْ النَّائِبَةِ، وَقِيلَ هِيَ النَّائِبَةُ الْمُوَظَّفَةُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْكَفَالَةُ بِهَا صَحِيحَةٌ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

(قَالَ) رَجُلٌ (لِآخَرَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ أَمْنٌ فَسَلَكَ وَأُخِذَ مَالُهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَخُوفًا وَأُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (ضَمِنَ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ إذَا حَصَلَ الْغُرُورُ

ــ

[رد المحتار]

فَفِيهِ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.

(قَوْلُهُ: عَلَى هَامِشِهَا) أَيْ هَامِشِ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْهَامِشُ حَاشِيَةُ الْكِتَابِ مُوَلَّدٌ.

[تَتِمَّةٌ] مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُسَاوِيَ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ فِي إعْطَاءِ النَّائِبَةِ قَالَ الْقَاضِي: هَذَا كَانَ فِي زَمَانِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْجِهَادِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَأَكْثَرُ النَّوَائِبِ تُؤْخَذُ ظُلْمًا، وَمَنْ تَمَكَّنَ.

مِنْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ نَهْرٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْأَوْلَى الِامْتِنَاعُ إنْ لَمْ يَحْمِلْ حِصَّتَهُ عَلَى الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى عَدَمُهُ.

ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ إعَانَةٌ لِلظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ النَّصِيبُ مِنْ النَّائِبَةِ) أَيْ حِصَّةُ الشَّخْصِ مِنْهَا إذَا قَسَمَهَا الْإِمَامُ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ هِيَ النَّائِبَةُ الْمُوَظَّفَةُ) وَالْمُرَادُ بِالنَّوَائِبِ مَا هُوَ مِنْهَا غَيْرُ رَاتِبٍ فَتَغَايَرَا فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَقْسِمَ ثُمَّ يَمْنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قَسْمَ صَاحِبِهِ.

وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: هِيَ أَنْ يَمْتَنِعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْقِسْمَةِ فَيَضْمَنَهُ إنْسَانٌ لِيَقُومَ مَقَامَهُ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ أَمْنٌ) بِقَصْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ ذُو أَمْنٍ أَوْ بِمَدِّهَا عَلَى صُورَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَسَاحِلٍ بِمَعْنَى مَسْحُولٍ أَوْ بِمَعْنَى: آمِنٌ سَالِكُهُ مِثْلُ نَهَارِهِ صَائِمٌ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ عِيشَةٌ رَاضِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) مِثْلُهُ كُلْ هَذَا الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ مَمْلُوكَةً فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ أَشْبَاهٌ ط.

(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) أَيْ فَسَلَكَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ ط.

(قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ أَكَلَ ابْنَك سَبُعٌ أَوْ أَتْلَفَ مَالَكَ سَبُعٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَصِحُّ هِنْدِيَّةٌ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ السَّبُعَ لَا يَكْفُلُ وَإِنْ فَعَلَهُ جُبَارٌ ط.

(قَوْلُهُ: هَذَا وَارِدٌ إلَخْ) أَقُولُ: صِحَّةُ الضَّمَانِ لَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ حَتَّى يَرِدَ مَا ذُكِرَ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَرَّهُ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ إذَا كَانَ بِالشَّرْطِ أَبُو السُّعُودِ ط وَلِذَا أَعْقَبَهُ الشَّارِحُ بِذِكْرِ الْأَصْلِ لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ ضَمَانَ الْغَرَرِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ضَمَانُ الْكَفَالَةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صَاحِبَ الدُّرَرِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ، وَعَزَاهَا الْبِيرِيُّ إلَى الذَّخِيرَةِ بِزِيَادَةِ أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ مَجْهُولٌ وَمَعَ هَذَا جَوَّزُوا الضَّمَانَ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِرَمْزِ الْمُحِيطِ: مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَوَابِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْقُدُورِيِّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ مَنْ غَصَبَك مِنْ النَّاسِ أَوْ مَنْ بَايَعْت مِنْ النَّاسِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ.

وَأَجَابَ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدُورِيِّ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ.

قُلْت: لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي بَايَعَ فُلَانًا عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَك مِنْ خُسْرَانٍ فَعَلَيَّ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ هَلَكَ عَيْنُك هَذَا فَأَنَا ضَامِنٌ لَمْ يَصِحَّ اهـ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بَايَعَ فُلَانًا لَا تَغْرِيرَ فِيهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِحُصُولِ الْخُسْرَانِ فِي الْمُبَايَعَةِ مَعَهُ؛ وَلِأَنَّ الْخُسْرَانَ يَحْصُلُ بِسَبَبِ جَهْلِ الْمَأْمُورِ بِأَمْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَخُوفٌ فَإِنَّ الطَّرِيقَ الْمَخُوفَ يُؤْخَذُ فِيهِ الْمَالُ غَالِبًا وَلَا صُنْعَ فِيهِ لِلْمَأْمُورِ، فَقَدْ تَحَقَّقَ فِيهِ التَّغْرِيرُ فَإِذَا ضَمِنَهُ الْآمِرُ نَصًّا رَجَعَ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُمْ أَجَازُوا الضَّمَانَ فِيهِ مَعَ جَهْلِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ زَجْرًا عَنْ هَذَا الْفِعْلِ كَمَا فِي تَضْمِينِ السَّاعِي، وَاَللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>