للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةِ، أَوْ ضَمِنَ الْغَارُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ نَصًّا دُرَرٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَمَرَّ فِي الْمُرَابَحَةِ.

[فُرُوعٌ] ضَمَانُ الْغُرُورِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ضَمَانُ الْكَفَالَةِ.

لِلْكَفِيلِ مَنْعُ الْأَصِيلِ مِنْ السَّفَرِ لَوْ كَفَالَتُهُ حَالَّةً لِيُخَلِّصَهُ مِنْهَا بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ، وَفِي الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ يَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى: أَيْ لَوْ بِأَمْرِهِ.

مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ أَمَرَهُ بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ وَبِإِطْعَامٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَبِأَدَاءٍ عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَبِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي أَلْفًا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ مُقَابَلًا بِمِلْكِ مَالٍ، فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَلَا، وَتَمَامُهُ فِي وَكَالَةِ السِّرَاجِ، وَالْكُلُّ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ.

ــ

[رد المحتار]

سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةِ) فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَالِدِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ، وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ بَعْدَ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ إلَيْهِ، وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ التَّبَرُّعِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَ لِلْغَارِ صِفَةَ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ نَصًّا) أَيْ كَمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهَا عَلَى الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَتَمَامُ عِبَارَةِ الدُّرَرِ: حَتَّى لَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ اجْعَلْ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَذَهَبَ مِنْ ثُقْبِهِ مَا كَانَ فِيهِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَارًا فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ مَا ضَمِنَ السَّلَامَةَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَهُنَا الْعَقْدُ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ اهـ وَأَرَادَ بِالْأُولَى قَوْلَهُ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ أَمْنٌ، وَيَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ أَيْ بِثُقْبِ الْوَلَدِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْقَاقِ.

(قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ) ذَكَرْنَاهُ فِي آخِرِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: هُوَ ضَمَانُ الْكَفَالَةِ) أَمَّا فِي الْأَصْلِ الثَّانِي فَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَذْكُرَ الضَّمَانَ نَصًّا، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ فَكَأَنَّهُ بِسَبَبِ أَخْذِ الْعِوَضِ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْمُعَوَّضِ

(قَوْلُهُ: لَوْ كَفَالَتُهُ حَالَّةٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ عَنْ الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ: لِيُخَلِّصَهُ بِأَدَاءٍ وَإِبْرَاءٍ) أَيْ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْمَالَ إلَيْهِ أَوْ إلَى الطَّالِبِ أَوْ بِأَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ الطَّالِبِ لِيُبْرِئَ الْكَفِيلَ.

(قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ إلَيْهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِرَدِّهِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِيُخَلِّصُهُ أَيْ بِرَدِّ نَفْسِهِ وَتَسْلِيمِهَا إلَى الطَّالِبِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَوْ بِأَمْرِهِ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِلَا أَمْرٍ مُتَبَرِّعٌ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِمَالٍ وَلَا نَفْسٍ، حَتَّى إنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ مَعَهُ كَمَا مَرَّ سَابِقًا

(قَوْلُهُ: مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاجِبِ اللَّازِمُ شَرْعًا أَوْ عَادَةً لِيَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ التَّعْوِيضِ عَنْ الْهِبَةِ وَنَفْسُ الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ إلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، وَقَوْلُهُ بِأَمْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَامَ.

(قَوْلُهُ: أَمَرَهُ بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ) أَيْ أَمَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلًا أَنْ يُعَوِّضَ الْوَاهِبَ عَنْ هِبَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَبِإِطْعَامٍ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ اُحْجُجْ عَنِّي رَجُلًا أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي خَانِيَّةٌ فَالْمُرَادُ الْوَاجِبُ الْأُخْرَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا) فَلَوْ قَالَ هَبْ لِفُلَانٍ عَنِّي أَلْفًا تَكُونُ مِنْ الْآمِرِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَأْمُورِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْقَابِضِ وَلِلْآمِرِ الرُّجُوعُ فِيهَا وَالدَّافِعُ مُتَطَوِّعٌ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ ضَمِنَ لِلْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ الرُّجُوعُ فِيهَا دُونَ الدَّافِعِ خَانِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إلَخْ) فَالْمُشْتَرِي أَوْ الْغَاصِبُ إذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ أَوْ بَدَلَ الْغَصْبِ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمَالِكِ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَالِكًا لِلْمَدْفُوعِ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ هُوَ الْمَبِيعُ أَوْ الْمَغْصُوبُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ لَوْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَأَمَرَهُ بِالتَّعْوِيضِ عَنْهَا يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ لِوُجُودِ الْمِلْكِ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِالْإِحْجَاجِ عَنْهُ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ فَلَا رُجُوعَ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُقَابَلَةِ مِلْكِ مَالٍ، وَكَذَا الْأَمْرُ بِأَدَاءِ النَّوَائِبِ وَبِتَلْخِيصِ الْأَسِيرِ عَلَى مَا مَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>