بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا بَسَطَهُ خُسْرو وَغَيْرُهُ.
(بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ غَرِيمًا لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (بَطَلَ وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَحْتَالَ بِالثَّمَنِ صَحَّ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُلَائِمٌ كَشَرْطِ الْجَوْدَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
ــ
[رد المحتار]
قَبْلَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُمْ الْمُطَالَبَةَ بِهِ دُونَ الْمُحْتَالِ فَيُضَمُّ إلَى تَرِكَتِهِ اهـ.
وَحِينَئِذٍ فَيَتْبَعُ الْمُحْتَالُ التَّرِكَةَ ط. [تَنْبِيهٌ] مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِسْمَةِ وَكَوْنِ الْمُحْتَالِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ يُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ كَذَلِكَ، لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَصَرَّحَ فِي الْحَاوِي بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْكَافِي أَنَّ مَا بَقِيَ لِلْمُحْتَالِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ مَدْيُونًا فَمَا قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ فَهُوَ لَهُ وَمَا بَقِيَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ) أَيْ فَيَمْلِكُ الْمُحِيلُ الْمُطَالَبَةَ قَالَ فِي الْفَتْحِ: هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَالدَّيْنِ، وَالْمُطْلَقَةُ هِيَ أَنْ يَقُولَ الْمُحِيلُ لِلطَّالِبِ أَحَلْتُك بِالْأَلْفِ الَّتِي لَك عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَلَمْ يَقُلْ لِيُؤَدِّيَهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ، فَلَوْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ أَوْ دَيْنٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلْمُحْتَالِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ الْعَيْنِ لِوَقْعِهَا مُطْلَقَةً عَنْهُ، بَلْ بِذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَفِي الذِّمَّةِ سَعَةٌ فَيَأْخُذُ دَيْنَهُ أَوْ عَيْنَهُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَمِنْ الْمُطْلَقَةِ أَنْ يُحِيلَ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ أَنَّهُ فِي الْمُقَيَّدَةِ انْقَطَعَتْ مُطَالَبَةُ الْمُحِيلِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَطَلَ الدَّيْنُ فِي الْمُقَيَّدَةِ وَتَبَيَّنَ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ الْحَوَالَةُ بَطَلَتْ، مِثْلُ أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ ظَهَرَ حُرًّا، فَتَبْطُلُ وَلِلْمُحَالِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ، وَكَذَا لَوْ قُيِّدَ بِوَدِيعَةٍ، فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُودِعِ، وَأَمَّا إذَا سَقَطَ الدَّيْنُ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ الْحَوَالَةُ بِأَمْرٍ عَارِضٍ وَلَمْ تَتَبَيَّنْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْهُ فَلَا تَبْطُلُ، مِثْلُ أَنْ يَحْتَالَ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي سَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَلَكِنَّهُ إذَا أَدَّى رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، وَلَا تَنْقَطِعُ فِيهَا مُطَالَبَةُ الْمُحِيلِ عَنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ، فَإِذَا أَدَّى سَقَطَ مَا عَلَيْهِ قِصَاصًا، وَلَوْ تَبَيَّنَ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ وَلَا تَبْطُلُ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُحَالَ أَبْرَأَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إسْقَاطٌ لَا تَمْلِيكٌ، وَإِنْ وَهَبَهُ لَهُ احْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِالْهِبَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِالْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ فَوَرِثَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فِي الْمَدْيُونِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ دَائِنِهِ بِمِثْلِ الدَّيْنِ، ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهِ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ أَوْ بِالثَّمَنِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا: فَأَجَبْت: إذَا وَقَعَ بِنَظِيرِهِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقَيَّدْ بِالثَّمَنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَقَعَتْ بِالثَّمَنِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الدَّيْنَ إذَا اُسْتُحِقَّ لِلْغَيْرِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ اهـ: أَيْ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَسْقُطْ بِأَمْرٍ عَارِضٍ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بَلْ تَبَيَّنَ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَمْرٍ سَابِقٍ.
(قَوْلُهُ بَطَلَ) أَيْ الْبَيْعُ: أَيْ فَسَدَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ دُرَرٌ، أَيْ وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ الَّتِي فِي ضِمْنِهِ ط. قُلْت وَوَجْهُ النَّفْعِ أَنَّ فِيهِ دَفْعَ مُطَالَبَةِ غَرِيمِهِ لَهُ وَتَسْلِيطِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُلَائِمٌ) لِأَنَّهُ يُؤَكِّدُ مُوجِبَ الْعَقْدِ، إذْ الْحَوَالَةُ فِي الْعَادَةِ تَكُونُ عَلَى الْمَلِيءِ وَالْأَحْسَنُ قَضَاءً فَصَارَ كَشَرْطِ الْجَوْدَةِ دُرَرٌ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي هَذَا الشَّرْطِ تَعْجِيلُ اقْتِضَائِهِ الثَّمَنَ فِي زَعْمِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute