أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ) حَالَ كَوْنِهِ (وَدِيعَةً) بِأَنْ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفًا ثُمَّ أَحَالَ بِهَا غَرِيمَهُ (صَحَّتْ فَإِنْ هَلَكَتْ) الْوَدِيعَةُ (بَرِئَ) الْمُودِعُ وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ الْحَوَالَةَ مُقَيَّدَةٌ بِهَا بِخِلَافِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَخْلُفُهُ.
وَتَصِحُّ أَيْضًا بِدَيْنٍ خَاصٍّ فَصَارَتْ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، وَحُكْمُهَا أَنْ لَا يَمْلِكَ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ دَفْعَهَا لِلْمُحِيلِ، مَعَ أَنَّ الْمُحْتَالَ أُسْوَةٌ لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ،
ــ
[رد المحتار]
الدَّيْنِ أَيْ وَكِّلْهُ نَهْرٌ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ نَوْعَ مُخَالَفَةٍ لِلظَّاهِرِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْمِنَحِ.
وَأَفَادَ فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّ الْمُحِيلَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ هَذِهِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا صَحَّتْ مُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ بِمَالٍ هُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَأَنْ تَكُونَ تَوْكِيلًا فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهَا بِالِاحْتِمَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ) الْأَظْهَرُ أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ وَاللَّامَ جَارَّةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ مَجْرُورَةٌ بِكَسْرَةِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَدِيعَةً) الْمُرَادُ بِهَا الْأَمَانَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ قَالَ ط: فَيَعُمُّ الْعَارِيَّةَ وَالْمَوْهُوبَ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى رَدِّهِ أَوْ قَضَى الْقَاضِي بِهِ وَالْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ صَحَّتْ) لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى الْقَضَاءِ لِتَيَسُّرِ مَا يَقْضِي بِهِ وَحُضُورِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ) قَيَّدَ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِدَيْنٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الدَّيْنُ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بَحْرٌ وَيَأْتِي بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: بَرِئَ الْمُودِعُ) وَيَثْبُتُ الْهَلَاكُ بِقَوْلِهِ نَهْرٌ وَاسْتِحْقَاقُ الْوَدِيعَةِ مُبْطِلٌ لِلْحَوَالَةِ كَهَلَاكِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يُعْطِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةَ وَإِنَّمَا قَضَى مِنْ مَالِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ التَّمْلِيكُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا كَانَ لَهُ حَقٌّ أَنْ يُمَلِّكَهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ) لِأَنَّهُ تَوِيَ حَقُّهُ، وَأَمَّا مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ التَّوَى بِوَجْهَيْنِ عِنْدَهُ وَثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عِنْدَهُمَا فَفِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَرِدُ شَيْءٌ بِهَذَا الْوَجْهِ الرَّابِعِ يَعْقُوبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِثْلَهُ يَخْلُفُهُ) أَرَادَ بِالْمِثْلِ الْبَدَلَ لِيَشْمَلَ الْقِيَمِيَّ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِذَا هَلَكَ الْمَغْصُوبُ الْمُحَالُ بِهِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَلَا يَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْعَيْنِ فَإِنْ عَجَزَ رَدَّ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ، فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ لَهُ خَلَفًا وَالْفَوَاتُ إلَى خَلَفٍ كَلَا فَوَاتٍ، فَبَقِيَتْ مُتَعَلِّقَةً بِخَلَفِهِ فَيُرَدُّ خَلَفُهُ عَلَى الْمُحْتَالِ. اهـ. فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَغْصُوبُ بَطَلَتْ لِعَدَمِ مَا يَخْلُفُهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ أَيْضًا بِدَيْنٍ خَاصٍّ) بِأَنْ يُحِيلَهُ بِدَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَتْحٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ التَّجْرِيدِ لَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَحَالَ بِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْحَوَالَةِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ وَدَيْنُ الْمُحِيلِ بِحَالِهِ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مُقَيَّدَةً مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الدَّيْنِ (قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ) أَيْ مُقَيَّدَةً بِعَيْنٍ أَمَانَةٍ أَوْ مَغْصُوبَةٍ أَوْ بِدَيْنٍ خَاصٍّ (قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا. . . إلَخْ) أَيْ حُكْمُ الْمُقَيَّدَةِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَيْنِ وَلَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَمَّا قُيِّدَتْ بِهَا تَعَلَّقَ حَقُّ الطَّالِبِ بِهِ، وَهُوَ اسْتِيفَاءُ دَيْنِهِ مِنْهُ عَلَى مِثَالِ الرَّهْنِ، وَأَخْذُ الْمُحِيلِ يُبْطِلُ هَذَا الْحَقَّ فَلَا يَجُوزُ، فَلَوْ دَفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْعَيْنَ أَوْ الدَّيْنَ إلَى الْمُحِيلِ ضَمِنَهُ لِلطَّالِبِ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُحْتَالِ، كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَ الرَّهْنَ أَحَدٌ يَضْمَنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْمُحْتَالَ. . . إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمُحْتَالِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمُحْتَالُ أُسْوَةً لِغُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ مَعَ أَنَّهُ أُسْوَةٌ لَهُمْ الْعَيْنَ الَّتِي بِيَدِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحِيلِ وَالدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِرْ مَمْلُوكًا لِلْمُحَالِ بِعَقْدِ الْحَوَالَةِ لَا يَدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا رَقَبَةً لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مَا وُضِعَتْ لِلتَّمْلِيكِ بَلْ لِلنَّقْلِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَمَلَكَ الْمَرْهُونَ يَدًا وَحَبْسًا، فَيَثْبُتُ لَهُ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ بِالْمَرْهُونِ شَرْعًا لَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ اهـ دُرَرٌ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِذَا قُسِّمَ الدَّيْنُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ لَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْغُرَمَاءِ لِاسْتِحْقَاقِ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ وَلَهُ وَرَثَةٌ لَا غُرَمَاءُ اسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ، وَأَقَرَّهُ مَنْ بَعْدَهُ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute