للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشَرْعًا (فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَقَطْعُ الْمُنَازَعَاتِ) وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بُسِطَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ عَلَى مَا نَظَّمَهُ ابْنُ الْغَرْسِ بِقَوْلِهِ:

أَطْرَافُ كُلِّ قَضِيَّةٍ حُكْمِيَّةٍ ... سِتٌّ يَلُوحُ بِعَدِّهَا التَّحْقِيقُ حُكْمُ

ــ

[رد المحتار]

{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر: ٦٦]- وَبِمَعْنَى الصُّنْعِ وَالتَّقْدِيرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى - {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: ١٢]- وَمِنْهُ الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ بَحْرٌ مُلَخَّصًا عَنْ الصِّحَاحِ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا فَصْلُ الْخُصُومَاتِ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْمُحِيطِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ، وَإِلَّا دَخَلَ فِيهِ نَحْوُ الصُّلْحِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) مِنْهُ قَوْلُ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٌ إنَّهُ إنْشَاءُ إلْزَامٍ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الْمُتَقَارِبَةِ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا، فَخَرَجَ الْقَضَاءُ عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَمَا لَيْسَ بِحَادِثَةٍ، وَمَا كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْغَرْسِ إنَّهُ الْإِلْزَامُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى صِيغَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِأَمْرٍ ظُنَّ لُزُومُهُ فِي الْوَاقِعِ شَرْعًا قَالَ: فَالْمُرَادُ بِإِلْزَامٍ التَّقْرِيرُ التَّامُّ، وَفِي الظَّاهِرِ، فَصْلٌ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْإِلْزَامِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى صِيغَةٍ مُخْتَصَّةٍ أَيْ الشَّرْعِيَّةِ كَأَلْزَمْتُ وَقَضَيْت وَحَكَمْت وَأَنْفَذْتُ عَلَيْك الْقَضَاءَ وَبِأَمْرٍ ظُنَّ لُزُومُهُ إلَخْ فَصْلٌ عَنْ الْجَوْرِ، وَالتَّشَهِّي، وَمَعْنًى فِي الظَّاهِرِ أَيْ الصُّورَةُ الظَّاهِرَةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مُظْهِرٌ فِي التَّحْقِيقِ لِلْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ، لَا مُثْبِتٌ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ مُثْبِتٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ بِنُفُوذِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ فِي مِثْلِهِ ثَابِتٌ تَقْدِيرًا وَالْقَضَاءُ يُقَرِّرُهُ فِي الظَّاهِرِ وَلَمْ يُثْبِتْ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ يَعْتَبِرُ الْمَعْدُومَ مَوْجُودًا أَوْ الْمَوْجُودَ مَعْدُومًا كَوُجُودِ الدُّخُولِ حُكْمًا فِي إلْحَاقِ نَسَبِ وَلَدِ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِيِّ فَأَجْرَى الْمُمْكِنَ مَجْرَى الْوَاقِعِ لِئَلَّا يَهْلِكَ الْوَلَدُ بِانْتِفَاءِ نَسَبِهِ مَعَ وُجُودِ الْعَقْدِ الْمُفْضِي إلَى ثُبُوتِهِ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِي رِسَالَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ، وَالْحَكَمُ أَحَدُ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا لِنَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ رُكْنَهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا نَظَمَهُ) أَيْ مِنْ بَحْرِ الْكَامِلِ وَنِصْفُ الْبَيْتِ الثَّانِي الْحَاءُ مِنْ مَحْكُومٍ ط.

(قَوْلُهُ: ابْنُ الْغَرْسِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْيُسْرِ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ الشَّهِيرُ بِابْنِ الْغَرْسِ لَهُ شَرْحٌ عَلَى الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُوَ الرِّسَالَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمُسَمَّاةُ الْفَوَاكِهُ الْبَدْرِيَّةُ فِي الْبَحْثِ عَنْ أَطْرَافِ الْقَضَايَا الْحُكْمِيَّةِ وَلَهُ الشَّرْحُ الْمَشْهُورُ عَلَى شَرْحِ الْعَقَائِدِ النَّسَفِيَّةِ لِلتَّفْتَازَانِيِ.

(قَوْلُهُ: أَطْرَافُ كُلِّ قَضِيَّةٍ حُكْمِيَّةٍ) الْأَطْرَافُ جَمْعُ طَرَفٍ بِالتَّحْرِيكِ وَطَرَفُ الشَّيْءِ مُنْتَهَاهُ، وَقَضِيَّةُ أَصْلِهِ قَضَوِيَّةٌ بِيَاءِ النِّسْبَةِ إلَى الْقَضَاءِ حُذِفَتْ مِنْهُ الْوَاوُ بَعْدَ قَلْبِهَا أَلِفًا وَحُكْمِيَّةٌ صِفَةٌ مُخَصَّصَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْقَضِيَّةِ الْحَادِثَةِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا التَّخَاصُمُ كَدَعْوَى بَيْعٍ مَثَلًا فَرُكْنُهَا اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهَا، وَلَا تَكُونُ قَضَوِيَّةً أَيْ مَنْسُوبَةً إلَى الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ أَيْ لَا تَكُونُ مَحَلًّا لِثُبُوتِ حَقِّ الْمُدَّعِي فِيهَا وَعَدَمِهِ إلَّا بِاسْتِجْمَاعِ هَذِهِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الشَّيْءِ الْمُحِيطَةِ بِهِ أَوْ أَطْرَافِ الْإِنْسَانِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: بِعَدِّهَا) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مَصْدَرُ عَدَّ الشَّيْءَ يَعُدُّهُ أَحْصَى عِدَّةَ أَفْرَادِهِ، وَيَلُوحُ بِمَعْنَى يَظْهَرُ وَالتَّحْقِيقُ فَاعِلُهُ.

(قَوْلُهُ: حُكْمُ) تَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ، وَعَلِمْت أَنَّهُ قَوْلِيٌّ وَفِعْلِيٌّ فَالْقَوْلِيُّ مِثْلُ أَلْزَمْت وَقَضَيْت مَثَلًا، وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِمُعْتَمَدِهِ أَقِمْهُ وَاطْلُبْ الذَّهَبَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدِي يَكْفِي، وَكَذَا ظَهَرَ عِنْدِي أَوْ عَلِمْت فَهَذَا كُلُّهُ حُكْمٌ فِي الْمُخْتَارِ زَادَ فِي الْخِزَانَةِ أَوْ أَشْهِدْ عَلَيْهِ، وَحَكَى فِي التَّتِمَّةِ الْخِلَافَ فِي الثُّبُوتِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَكِنَّ عُرْفَ الْمُشَرِّعِينَ وَالْمُوَثِّقِينَ الْآنَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَلِذَا يُقَالُ: وَلَمَّا ثَبَتَ عِنْدَهُ حُكْمٌ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ وَقَعَ الثُّبُوتُ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْحُكْمِ كَقَوْلِ الْمُسَجِّلِ ثَبَتَ عِنْدَهُ جَرَيَانُ الْعَيْنِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ، فَلَيْسَ بِحُكْمٍ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الدَّعْوَى الْحُكْمَ عَلَى الْبَائِعِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي لِلْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَإِلَّا فَهُوَ حُكْمٌ وَتَمَامُهُ فِيهَا وَفِيهَا أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>