وَمَحْكُومٌ بِهِ وَلَهُ وَمَحْكُومٌ عَلَيْهِ وَحَاكِمٌ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي التَّنْفِيذِ
وَأَمَّا التَّنْفِيذُ فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا إذْ مِنْ صِيَغِ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ: أَنْفَذْت عَلَيْك الْقَضَاءَ قَالُوا وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ أَمْضَاهُ بِشُرُوطِهِ، وَهَذَا هُوَ التَّنْفِيذُ الشَّرْعِيُّ وَمَعْنَى رَفْعِ الْيَدِ حَصَلَتْ عِنْدَهُ فِيهِ خُصُومَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَأَمَّا التَّنْفِيذُ الْمُتَعَارَفُ فِي زَمَانِنَا غَالِبًا فَمَعْنَاهُ إحَاطَةُ الْقَاضِي الثَّانِي عِلْمًا بِحُكْمِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ لَهُ وَيُسَمَّى اتِّصَالًا اهـ مُلَخَّصًا وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْحَبْسِ. مَطْلَبُ أَمْرُ الْقَاضِي هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَوْ لَا؟
وَأَمَّا أَمْرُ الْقَاضِي فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِحَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً بِالْحَقِّ كَأَمْرِهِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَعَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِصَرْفِ كَذَا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ إلَى فَقِيرٍ مِنْ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ لَيْسَ بِحُكْمٍ، حَتَّى لَوْ صَرَفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ سَلَّمَ الدَّارَ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَأَطْلَقَ الشَّارِحُ فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي تَبَعًا لِلْبَزَّازِيِّ أَنَّهُ حُكْمٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ. مَطْلَبُ الْحُكْمِ الْفِعْلِيُّ
وَأَمَّا الْحُكْمُ الْفِعْلِيُّ فَسَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ هُنَاكَ أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حُكْمٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ، وَحَقَّقَ ابْنُ الْغَرْسِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَسَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: وَمَحْكُومٌ بِهِ) وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَحْضُ كَحَدِّ الزِّنَا أَوْ الْخَمْرِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ الْمَحْضُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا فِيهِ الْحَقَّانِ وَغَلَبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الْقَذْفِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ كَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِ ابْنُ الْغَرْسِ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَعَنْ هَذَا فَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا يَكْفِي مَا لَمْ يَكُنْ الْمُوجِبُ أَمْرًا وَاحِدًا كَالْحُكْمِ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَزَوَالُ الْعِصْمَةِ فَلَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ اسْتَلْزَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ صَحَّ، كَالْحُكْمِ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ مُوجَبَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِهِ، وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ فَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ مَنْعُ الْجَارِ عَنْ الشُّفْعَةِ فَلِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِهَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي لَكِنْ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ رَاجِعٌ إلَى اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى فِي الْحُكْمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الطَّرِيقِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ وَمَحْكُومٌ لَهُ وَهُوَ الشَّرْعُ كَمَا فِي حُقُوقِهِ الْمَحْضَةِ أَوْ الَّتِي غَلَبَ فِيهَا حَقُّهُ وَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى الدَّعْوَى بِخِلَافِ مَا تَمَحَّضَ فِيهَا حَقُّ الْعَبْدِ أَوْ غَلَبَ وَالْعَبْدُ هُوَ الْمُدَّعِي، وَعَرَّفُوهُ بِمَنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ إذَا تَرَكَهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالشَّرْطُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ حَضْرَتُهُ أَوْ حَضْرَةُ نَائِبٍ عَنْهُ كَوَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ فَالْمَحْكُومُ لَهُ الْمَحْجُورُ كَالْغَائِبِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحْكُومٌ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْعَبْدُ دَائِمًا لَكِنَّهُ إمَّا مُتَعَيِّنٌ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ كَجَمَاعَةٍ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلٍ فَقُضِيَ عَلَيْهِمْ بِالْقِصَاصِ أَوْ لَا، كَمَا فِي الْقَضَاءِ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنَّهُ حُكْمٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ، بِخِلَافِ الْعَارِضَةِ بِالْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ جُزْئِيٌّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْفِ وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْكَافَّةِ فَتُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِ، أَوْ وَقْفٍ آخَرَ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فِي حُقُوقِ الشَّرْعِ مَنْ يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَقَّهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَوْ لَا، كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي نَفَاذِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: وَحَاكِمٌ) هُوَ إمَّا الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمُ أَمَّا الْإِمَامُ فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا حُكْمُ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ يَنْفُذُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَإِطْلَاقُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute