للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ لَوْ فِيهِ خَلْوَةٌ (وَلَا يَخْرُجُ لِجُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ وَلَا لِحَجِّ فَرْضٍ) فَغَيْرُهُ أَوْلَى (وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةٍ وَلَوْ) كَانَ (بِكَفِيلٍ) زَيْلَعِيٌّ وَفِي الْخُلَاصَةِ يَخْرُجُ بِكَفِيلِ الْجِنَازَةِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ وَلَا غَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ وَإِلَّا لَا) بِهِ يُفْتَى وَلَا يُخْرَجَ لِمُعَالَجَةٍ وَكَسْبٍ قِيلَ وَلَا يَتَكَسَّبُ فِيهِ، وَلَوْ لَهُ دُيُونٌ خَرَجَ لِيُخَاصِمَ ثُمَّ يُحْبَسُ خَانِيَّةٌ.

(وَلَا يُضْرَبُ) الْمَحْبُوسُ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: إذَا امْتَنَعَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا حَبَسَتْهُ وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ وَيُخْشَى عَلَيْهَا فِعْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاقِبًا لَهَا يَكُونُ مَظِنَّةَ أَنَّ حَبْسَهَا لَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا لِمُجَرَّدِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهَا مِنْهُ، فَلَهُ حَبْسُهَا مَعَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِحَبْسِهَا مَعَهُ وَهَذَا مَحْمِلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ) وَكَذَا زَوْجَتُهُ كَمَا مَرَّ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي نَقْلِ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ وَنَقَلَ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ يَخْرُجُ الْكَفِيلُ فَكَأَنَّهُ سَقَطَتْ الْبَاءُ مِنْ نُسْخَتِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ، وَكَذَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ أَيْضًا: وَالْعَجَبُ أَنَّ الْبَزَّازِيَّ وَقَعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْكَفِيلَ يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ إلَخْ الَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَاضِي يَعْنِي قَاضِي خَانْ يَخْرُجُ بِالْكَفِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالُ حَقِّ آدَمِيٍّ بِلَا مُوجِبٍ نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَقُومُ بِحُقُوقِ دَفْنِهِ فَعَلَ ذَلِكَ وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَمَّا إذَا مَاتَ وَالِدَاهُ أَيَخْرُجُ؟ فَقَالَ لَا اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ نَصَّ مُحَمَّدٍ فِي الْمَدْيُونِ أَصَالَةٌ وَالْكَلَامُ فِي الْكَفِيلِ اهـ. وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ فِي نُسْخَةِ الْخُلَاصَةِ مِنْ التَّحْرِيفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَدْيُونِ وَكَفِيلِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ

(قَوْلُهُ: يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ يَخْرُجُ إنْ كَانَ يَمُوتُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْمُمَرِّضِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُفْضِيًا لِلتَّسَبُّبِ فِي هَلَاكِهِ اهـ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا يَخْرُجُ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا لَا يُطْلِقُهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَخْدُمُهُ لَا يُخْرَجُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ هَذَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْهَلَاكُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُخْرِجُهُ، وَالْهَلَاكُ فِي السِّجْنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مِنَحٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: لِمُعَالَجَةٍ) أَيْ لِمُدَاوَاةِ مَرَضِهِ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ فِي السِّجْنِ.

(قَوْلُهُ: قِيلَ وَلَا يَتَكَسَّبُ فِيهِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي أَكْثَرِهَا بَلْ وَلَا يَتَكَسَّبُ فِيهِ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِقِيلِ يُفِيدُ الضَّعْفَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ، وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مَشْرُوعٌ لِيَضْجَرَ، وَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الِاكْتِسَابِ لَا يَضْجَرُ، فَيَكُونُ السِّجْنُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَانُوتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَهُ دُيُونٌ خَرَجَ لِيُخَاصِمَ ثُمَّ يُحْبَسُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِدَيْنٍ يَخْرُجُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أُعِيدَ فِي الْحَبْسِ لِأَجَلِهِمَا سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْله: إذَا امْتَنَعَ عَنْ كَفَّارَةِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ أَشْبَاهٌ، وَاعْتَرَضَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّ حَقَّهَا فِيهِ قَضَاءٌ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ. قُلْت: هَذِهِ الْمَرَّةُ لِأَجْلِ انْتِفَاءِ الْعُنَّةِ وَالتَّفْرِيقِ بِهَا وَإِلَّا فَلَهَا حَقٌّ فِي الْوَطْءِ بَعْدَهَا؛ وَلِذَا حَرُمَ الْإِيلَاءُ مِنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ، وَكَذَا فِي الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ فَلِذَا ظَهَرَ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْعَوْدِ إلَيْهَا وَيُضْرَبُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ وَإِنْ كَانَ لَا يُضْرَبُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ عَنْهَا بِغَيْرِ سَبَبٍ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِنْفَاقُ عَلَى قَرِيبِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى كَفَّارَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقَسْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَافْهَمْ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقَرِيبِ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ، وَمِثْلُهُ فِي الْقَسْمِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي آخِرِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ تَابَعَ الْبَحْرَ فِي نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَأَنَّ الَّذِي فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يُحْبَسُ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ، بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْقَسْمِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَعَ قُدْرَتِهِ يُضْرَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>