للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ تَيَقَّنَ بِهِ قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى.

(وَلَا بُدَّ مِنْ مَسَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) عَلَى الظَّاهِرِ وَجَوَّزَهُمَا الثَّانِي إنْ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ فِي يَوْمِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَسِرَاجِيَّةٌ.

(وَيَبْطُلُ) الْكِتَابُ (بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ

ــ

[رد المحتار]

حُجَّةٌ عُرْفًا اهـ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا وَهُوَ صَرِيحُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُجْتَبَى وَمَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَنَّهُ خَطُّهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا مَرَّ عَنْ الْخِزَانَةِ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُجْتَبَى، وَكَذَا مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ إلَخْ يُفِيدُ عَدَمَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ، بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يَكْتُبُهُ الْأُمَرَاءُ وَالْأَكَابِرُ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ يَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا كَتَبَ وُصُولًا أَوْ صَكًّا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ، وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ الْمَعْرُوفِ، فَإِنَّهُ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إنْكَارُهُ، وَلَوْ أَنْكَرَهُ بَعْدُ بَيْنَ النَّاسِ مُكَابِرًا فَإِذَا اعْتَرَفَ بِكَوْنِهِ خَطَّهُ وَخَتْمَهُ، وَكَانَ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ، أَوْ وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَمُقْتَضَى مَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَيْضًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ كَدَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَنَحْوِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَجَدَ فِي صُنْدُوقِهِ مَثَلًا صُرَّةَ دَرَاهِمَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا هَذِهِ أَمَانَةُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّ الْعَادَةَ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ بِخَطِّهِ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمِهِ،

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا يَكْتُبُهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ بِلِسَانِهِ صَرِيحًا لَا يُؤْخَذُ خَصْمُهُ بِهِ فَكَيْفَ إذَا كَتَبَهُ وَلِذَا قَيَّدَهُ فِي الْخِزَانَةِ بِقَوْلِهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَئِمَّةُ بَلْخٍ قَالُوا يَادَكَارُ الْبَيَّاعِ حُجَّةٌ لَازِمَةٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ الْبَيَّاعُ وَجَدْتُ بِخَطِّي أَنَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا لَزِمَ قَالَ السَّرَخْسِيُّ، وَكَذَا خَطُّ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ اهـ فَقَوْلُهُ إنَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ إلَخْ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ وَهْبَانَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا مَا لَهُ وَعَلَيْهِ، فَمُرَادُهُ أَنَّ الْبَيَّاعَ وَنَحْوَهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرٍ شَيْئًا عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِبَةِ لِلْخَطِّ أَوْ اللَّغْوِ وَاللَّعِبِ بَلْ لَا يَكْتُبُ إلَّا مَا لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَعْمَلَ بِكِتَابَتِهِ فِي الَّذِي لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ دَفْتَرُهُ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ. فَلَوْ كَانَتْ كِتَابَتُهُ فِيمَا عَلَيْهِ فِي دَفْتَرِ خَصْمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ ط لِأَنَّ الْخَطَّ مِمَّا يُزَوَّرُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ كَاتِبٌ وَالدَّفْتَرُ عِنْدَ الْكَاتِبِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْكَاتِبِ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِلَا عِلْمِهِ، فَلَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَهُ أَوْ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَتْهُ الْوَرَثَةُ خِلَافًا لِمَنْ حَكَمَ فِي عَصْرِنَا بِذَلِكَ لِذِمِّيٍّ ادَّعَى عَلَى وَرَثَةِ تَاجِرٍ لَهُ كَاتِبٌ ذِمِّيٌّ وَدَفْتَرُ التَّاجِرِ عِنْدَ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ فَقَدْ كُنْتُ أَفْتَيْتُ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بَاطِلٌ وَكَوْنَ الْمُدَّعِي وَالْكَاتِبِ ذِمِّيَّيْنِ يُقَوِّي شُبْهَةَ التَّزْوِيرِ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ حَصَلَتْ بَعْدَ مَوْتِ التَّاجِرِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي كِتَابِنَا تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ إنْ تَيَقَّنَ بِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ خَطُّ مَنْ يُرْوَى عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَبِأَنَّهُ خَطُّ نَفْسِهِ فِي الْأَخِيرِينَ اهـ ح.

(قَوْلُهُ قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى) قَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: أَجَازَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْعَمَلَ بِالْخَطِّ فِي الشَّاهِدِ وَالْقَاضِي وَالرَّاوِي إذَا رَأَى خَطَّهُ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ الْحَادِثَةَ قَالَ فِي الْعُيُونِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ سَوَاءً كَانَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ الرِّوَايَةِ أَوْ الشَّهَادَةِ عَلَى الصَّكِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّكُّ فِي يَدِ الشَّاهِدِ، لِأَنَّ الْغَلَطَ نَادِرٌ وَأَثَرَ التَّغْيِيرِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَقَلَّمَا يَشْتَبِهُ الْخَطُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِذَا تَيَقَّنَ جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ اهـ حَمَوِيٌّ لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي الشَّهَادَاتِ قُبَيْلَ بَابِ الْقَبُولِ مَا نَصُّهُ: وَجَوَّزَاهُ لَوْ فِي حَوْزِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ بَحْرٌ عَنْ الْمُبْتَغَى اهـ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ هُنَاكَ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مَسَافَةِ إلَخْ) فَلَوْ أَقَلَّ لَا يُقْبَلُ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ: إذَا كَانَ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ قَاضِيَانِ جَازَ كِتَابَةُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الْأَحْكَامِ جَوْهَرَةٌ عَنْ الْيَنَابِيعِ وَكَذَا كِتَابَةُ الْقَاضِي إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي وَلَّاهُ وَهُوَ مَعَهُ فِي الْمِصْرِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَجَوَّزَهَا مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَانَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ فِي مَكَان لَوْ غَدَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ صَحَّ الْإِشْهَادُ وَالْكِتَابَةُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الْكِتَابُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>