للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَفْتَرَ بَيَّاعٍ وَصَرَّافٍ وَسِمْسَارٍ وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ لِرَاوٍ وَقَاضٍ وَشَاهِدٍ

ــ

[رد المحتار]

ذُكِرَ إلْحَاقًا لِلدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ بِدَوَاوِينِ الْقُضَاةِ الْمَذْكُورَةِ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فِي الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ.

مَطْلَبٌ فِي دَفْتَرِ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ.

(قَوْلُهُ وَدَفْتَرَ بَيَّاعٍ وَصَرَّافٍ وَسِمْسَارٍ) عَطْفٌ عَلَى كِتَابِ الْأَمَانِ فَإِنَّ هَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ لَا مُلْحَقٌ بِهِ فَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ مِنْ الشَّهَادَاتِ: أَنَّ خَطَّ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ حُجَّةٌ لِلْعُرْفِ الْجَارِي بِهِ اهـ قَالَ الْبِيرِيُّ: هَذَا الَّذِي فِي غَالِبِ الْكُتُبِ حَتَّى الْمُجْتَبَى فَقَالَ فِي الْإِقْرَارِ: وَأَمَّا خَطُّ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا يُعْرَفُ ظَاهِرًا بَيْنَ النَّاسِ وَكَذَا مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِلْعُرْفِ اهـ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ صَرَّافٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَخَطُّهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ غَرِيمٌ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَعَرَضَ خَطَّ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ عَرَفَ النَّاسُ خَطَّهُ يُحْكَمُ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ بِمِثْلِهِ حُجَّةً اهـ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ: وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَيَّاعُ وَجَدْتُ فِي يَادَكَارِي بِخَطِّي أَوْ كَتَبْتُ فِي يَادَكَارِي بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مُلْزِمًا إيَّاهُ.

أَقُولُ: وَيُزَادُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِمُوجِبِ الْعُرْفِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخَطِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهَذَا عُرِفَ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِيمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ مَالًا وَأَخْرَجَ بِالْمَالِ خَطًّا وَادَّعَى أَنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ كَوْنَ الْخَطِّ خَطَّهُ فَاسْتُكْتِبَ فَكَتَبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا خَطِّي وَلَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْكَاتِبُ سِمْسَارًا أَوْ صَرَّافًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّنْ يُؤْخَذُ بِخَطِّهِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ اهـ كَلَامُ الْبِيرِيِّ.

قُلْتُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ كِتَابَةِ الْقَاضِي إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي وَلَّاهُ وَكَذَا مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَالْمُلْتَقَطِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا اهـ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ فِي صَدْرِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، فَهَذَا كَالنُّطْقِ فَلَزِمَ حُجَّةً كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالزَّيْلَعِيِّ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ، وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ، وَهَذَا إذَا اعْتَرَفَ أَنَّ الْخَطَّ خَطُّهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا فِيهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّتِهِ ذَلِكَ الْمَالُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْخَانِيَّةِ وَهَذَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَخْرَسِ وَذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ آخِرَ الْكِتَابِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ مِثْلُ الْأَخْرَسِ فَإِذَا كَانَ مُسْتَبِينًا مَرْسُومًا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ كَالْخِطَابِ اهـ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ إلَى الْغَائِبِ وَهُوَ أَيْضًا مُفَادُ كَلَامِ الْفَتْحِ فِي الشَّهَادَاتِ فَرَاجِعْهُ لَكِنْ فِي شَهَادَاتِ الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُعَنْوَنِ بَيْنَ كَوْنِهِ لِغَائِبٍ أَوْ لِحَاضِرٍ وَمِثْلُهُ مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا كُتِبَ عَلَى وَجْهِ الصُّكُوكِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ يَقُولُ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ إنَّ فِي ذِمَّتِي لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ يَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يُكْتَبْ عَلَى هَذَا الرَّسْمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ اهـ.

قُلْتُ: وَالْعَادَةُ الْيَوْمَ فِي تَصْدِيرِهَا بِالْعُنْوَانِ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهَا سَبَبُ تَحْرِيرِهِ هُوَ أَنَّهُ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ إلَخْ وَكَذَا الْوُصُولُ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ وَصَلَ إلَيْنَا مِنْ يَدِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا وَمِثْلُهُ مَا يَكْتُبُهُ الرَّجُلُ فِي دَفْتَرِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ: عِلْمُ بَيَانِ الَّذِي فِي ذِمَّتِنَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ، فَهَذَا كُلُّهُ مُصَدَّرٌ مُعَنْوَنٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَصْدِيرِهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ الْمَذْكُورِ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا لَا يَلْزَمُهُ إذَا أَنْكَرَ الْمَالَ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِكَوْنِهِ كَتَبَهُ بِخَطِّهِ إلَّا إذَا كَانَ بَيَّاعًا أَوْ صَرَّافًا أَوْ سِمْسَارًا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَصَكُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>