(بِخِلَافِ كِتَابِ الْأَمَانِ) فِي دَارِ الْحَرْبِ (حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَفِي الْأَشْبَاهِ: لَا يَعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْأَمَانِ وَيُلْحِقُ بِهِ الْبَرَاءَاتِ
ــ
[رد المحتار]
فُلَانٍ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ كِتَابِ الْأَمَانِ) مَعْنَاهُ إذْ جَاءَ الْكِتَابُ مِنْ مَلِكِهِمْ بِطَلَبِ الْأَمَانِ بَحْرٌ عَنْ الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْزِمٍ) لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُمْ الْأَمَانَ بِخِلَافِ كِتَابِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ وَيَعْمَلَ بِهِ وَلَا بُدَّ لِلْمُلْزِمِ مِنْ الْحُجَّةِ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ فَتْحٌ.
[فَرْعٌ] لَوْ مَرِضَ شُهُودُ الْكِتَابِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ الرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِمْ أَوْ السَّفَرِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَأَشْهَدُوا قَوْمًا عَلَى شَهَادَتِهِمْ جَازَ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
مَطْلَبٌ لَا يَعْمَلُ بِالْخَطِّ (قَوْلُهُ لَا يَعْمَلُ بِالْخَطِّ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْخَطِّ، وَلَا يَعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ إلَخْ قَالَ الْبِيرِيُّ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَعْتَمِدُ: أَيْ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ، لِأَنَّ الْخَطَّ مِمَّا يُزَوَّرُ وَيُفْتَعَلُ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا فِي دَوَاوِينِ الْقَضَاءِ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِذَا تَقَلَّدَ طَلَبَ دِيوَانَ قَاضٍ قَبْلَهُ فَرَاجَعَهُ.
(قَوْلُهُ وَيُلْحِقُ بِهِ الْبَرَاءَاتِ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ وَيُمْكِنُ إلْحَاقُ الْبَرَاءَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَظَائِفِ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ يَعْنِي كِتَابَ الْأَمَانِ لَا يُزَوَّرُ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْأَمَانِ لِحَقْنِ الدَّمِ فَلَا.
أَقُولُ: يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى الْأَخِيرِ سَائِحَانِيٌّ أَيْ لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ بَلْ قَدْ وَقَعَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَمَوِيُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كِتَابِ الْأَمَانِ أَنَّهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْقَضَاءِ اسْتِظْهَارَ كَوْنِ عِلَّةِ الْعَمَلِ بِمَا لَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ هِيَ الضَّرُورَةَ وَهُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا يَكْتُبُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْبَرَاءَاتِ لِأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ وَنَحْوِهِمْ وَكَذَا مَنْشُورُ الْقَاضِي وَالْوَالِي وَعَامَّةِ الْأَوَامِرِ السُّلْطَانِيَّةِ مَعَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ بِقَبُولِ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ كِتَابَتِهِ، وَإِمْكَانُ تَزْوِيرِهَا عَلَى السُّلْطَانِ لَا يَدْفَعُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ أَمْرٌ نَادِرٌ فَلَمَّا يَقَعُ وَهُوَ أَنْدَرُ مِنْ إمْكَانِ تَزْوِيرِ الشُّهُودِ وَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ دَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ لِلْعُرْفِ كَمَا يَأْتِي.
مَطْلَبٌ فِي الْعَمَلِ بِمَا فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبَعْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ أَنَّ لِلشَّارِحِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ رِسَالَةً حَاصِلُهَا بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْأَشْبَاهِ: وَأَنَّ ابْنَ الشِّحْنَةِ وَابْنَ وَهْبَانَ جَزَمَا بِالْعَمَلِ بِدَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَنَحْوِهِ لِعِلَّةِ أَمْنِ التَّزْوِيرِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْلَى: كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ شَاهَدَ أَحْوَالَ أَهَالِيِهَا حِينَ نَقْلِهَا إذْ لَا تَحَرُّرَ أَوَّلًا إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ ثُمَّ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى نَقْلِ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَسَاهُلٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ فَيَضَعُ خَطَّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَى الْمُتَوَلِّي لِحِفْظِهَا الْمُسَمَّى بِدَفْتَرٍ أَمِينِيٍّ فَيَكْتُبُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعَادُ أُصُولُهَا إلَى أَمْكِنَتِهَا الْمَحْفُوظَةِ بِالْخَتْمِ فَالْأَمْنُ مِنْ التَّزْوِيرِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَبِذَلِكَ كُلِّهِ يُعْلِمُ جَمِيعَ أَهْلِ الدَّوْلَةِ وَالْكَتَبَةِ فَلَوْ وَجَدَ فِي الدَّفَاتِرِ أَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا يَعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَبِذَلِكَ يُفْتِي مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَهْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ اهـ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ الْعَمَلُ بِمَا فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَكَأَنَّ مَشَايِخَ الْإِسْلَامِ الْمُوَلَّيْنَ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ أَفْتَوْا بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute