للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَسَلَّمَ الْكِتَابَ إلَيْهِمْ بَعْدَ كِتَابَةِ عُنْوَانِهِ فِي بَاطِنِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ اسْمَهُ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَشُهْرَتَهُمَا (فَلَوْ كَانَ) الْعُنْوَانُ (عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يُقْبَلْ) قِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِنَا يَكُونُ عَلَى الظَّاهِرِ فَيَعْمَلُ بِهِ وَاكْتَفَى الثَّانِي بِأَنْ يُشْهِدَهُمْ أَنَّهُ كِتَابُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْكِفَايَةِ وَفِي الْمُلْتَقَى وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ (فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ نَظَرَ إلَى خَتْمِهِ) أَوَّلًا (وَلَا يَقْبَلُهُ) أَيْ لَا يَقْرَؤُهُ (إلَّا بِحُضُورِ الْخَصْمِ وَشُهُودِهِ) ، وَلَا بُدَّ مِنْ إسْلَامِ شُهُودِهِ وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ لِشَهَادَتِهِمْ عَلَى فِعْلِ الْمُسْلِمِ (إلَّا إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ

-

ــ

[رد المحتار]

بِشَرْطٍ إلَّا إذَا كَانَ الْكِتَابُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَبِهِ يُفْتِي كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ إلَيْهِمْ) أَيْ فِي مَجْلِسٍ يَصِحُّ حُكْمُهُ فِيهِ فَلَوْ سَلَّمَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ قُهُسْتَانِيٌّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ الْمَكْتُوبَ إلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُسَلِّمُ الْمَكْتُوبَ إلَى الشُّهُودِ كَذَا وَجَدْتُ بِخَطِّ شَيْخِي اهـ ثُمَّ قَالَ وَأَجْمَعُوا فِي الصَّكِّ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَعْلَمْ الشَّاهِدُ مَا فِي الْكِتَابِ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّ النَّاسَ اعْتَادُوا خِلَافَ ذَلِكَ اهـ سَعِيدِيَّةٌ لَكِنْ يُنَافِي دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُحْكَمُ بِسِجِلِّ الِاسْتِحْقَاقِ بِشَهَادَةٍ أَنَّهُ كِتَابُ كَذَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَضْمُونِهِ وَكَذَا مَا سِوَى نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَالْوَكَالَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْغُرَرِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كِتَابَ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَالْوَكَالَةِ لَا يَحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى مَضْمُونِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقِرَاءَتِهِ عَلَى الشُّهُودِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآتِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَشُهْرَتَهُمَا) أَفَادَ أَنَّ الِاسْمَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي بِلَا شُهْرَةٍ بِكُنْيَةٍ وَنَحْوِهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ كَانَ الْعُنْوَانُ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ أَوْ مِنْ أَبِي فُلَانٍ إلَى أَبِي فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْمِ أَوْ الْكُنْيَةِ لَا يُتَعَرَّفُ بِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكُنْيَةُ مَشْهُورَةً مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَكَذَلِكَ النِّسْبَةُ إلَى أَبِيهِ فَقَطْ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقِيلَ هَذَا رِوَايَةٌ وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ لَا تُقْبَلُ الْكُنْيَةُ الْمَشْهُورَةُ لِأَنَّ النَّاسَ يَشْتَرِكُونَ فِيهَا وَيَشْتَهِرُ بِهَا بَعْضُهُمْ فَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ هُوَ الْمَشْهُورُ بِهَا أَوْ غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا فَإِنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ وَاحِدًا فَيَحْصُلُ التَّعْرِيفُ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ اهـ مُلَخَّصًا.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَكْتُبُ فِيهِ اسْمَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجَدَّهُمَا، وَيَذْكُرُ الْحَقَّ وَالشُّهُودَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِذِكْرِ شَهَادَتِهِمْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ التَّارِيخَ فَلَوْ لَمْ يَكْتُبْهُ لَا يُقْبَلُ اهـ أَيْ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ قَاضِيًا حَالَ الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ وَاكْتَفَى الثَّانِي إلَخْ) الَّذِي فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْكِفَايَةِ هُوَ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى هَكَذَا وَأَبُو يُوسُفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ سِوَى شَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ كِتَابُهُ لَمَّا اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ، وَاخْتَارَ السَّرَخْسِيُّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ اهـ أَيْ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ بَاشَرَ الْقَضَاءَ مُدَّةً مَدِيدَةً فَاخْتَارَ ذَلِكَ لَمَّا عَايَنَ الْمَشَقَّةَ فِي الشُّرُوطِ الْمَارَّةِ، فَلِذَا اخْتَارَ السَّرَخْسِيُّ قَوْلَهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَتْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ وَظَاهِرُ الْفَتْحِ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ قَالَ: وَلَا شَكَّ عِنْدِي فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّ الْفَرْضَ عَدَالَةُ حَمَلَةِ الْكِتَابِ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ خَتْمِهِ مَعَ شَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ كِتَابُهُ نَعَمْ إذَا كَانَ الْكِتَابُ مَعَ الْمُدَّعِي يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ الْخَتْمِ لِاحْتِمَالِ التَّغْيِيرِ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ حِفْظًا.

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَقْرَؤُهُ) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ بِلَا خَصْمٍ عَدَمُ قِرَاءَتِهِ لَا مُجَرَّدُ قَبُولِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا بِحُضُورِ الْخَصْمِ وَشُهُودِهِ) أَيْ شُهُودٌ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي وَأَنَّهُ خَتْمُهُ نَهْرٌ وَزَادَ بَعْدَ هَذَا فِي الْكَنْزِ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ فَتَحَهُ الْقَاضِي وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمَهُ بِمَا فِيهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: يَعْنِي إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ بِأَنْ كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِهَا أَوْ وَجَدَ فِي الْكِتَابِ عَدَالَتَهُمْ أَوْ سَأَلَ مَنْ يَعْرِفُهُمْ مِنْ الثِّقَاتِ فَزَكَّوْا وَأَمَّا قَبْلَ ظُهُورِ عَدَالَتِهِمْ فَلَا يَحْكُمُ بِهِ وَلَا يُلْزِمُ الْخَصْمَ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الْمَارَّ.

(قَوْلُهُ لِشَهَادَتِهِمْ عَلَى فِعْلِ الْمُسْلِمِ) وَهُوَ أَنَّهُ كَتَبَ الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ) أَيْ بِأَنَّهُ كِتَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>